كانَ نَكِيرِ (٤٥))
(وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) بمن بعث إليهم من الرسل و [ما] آتاهم الله من الكتب. (ما آتَيْناهُمْ) ؛ أي : ما أعطينا من قبلهم من القوّة وكثرة المال وطول العمر فأهلكهم الله. (نَكِيرِ) ؛ أي : عقوبتي وتغييري حالهم. وقيل : معناه : انظر في آثارهم كيف كان إنكاري عليهم بالهلاك. والمراد أنّا أهلكنا أولئك حين كذّبوا رسلنا ، فليحذر هؤلاء ما نزل بهم من الهلاك والاستئصال. (١)
يقول : كذّب الذين من قبلهم رسلهم وما بلغ ما آتينا رسلهم معشار ما آتينا محمّدا وآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين. (٢)
[٤٦] (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦))
(أَنْ تَقُومُوا). في موضع جرّ على البدل من «واحدة» ويجوز نصبه بحذف الجارّ. أي :
لأن تقوموا. (مَثْنى وَفُرادى). في موضع نصب على الحال. المعنى : (قُلْ) يا محمّد (إِنَّما أَعِظُكُمْ) ؛ أي : آمركم بخصلة واحدة. وقيل : بكلمة واحدة ، وهي كلمة التوحيد. وقيل : بطاعة الله. ومن قال بالأوّل قال : إنّه فسّر الواحدة بقوله : (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى) ؛ أي : اثنين اثنين وواحدا واحدا. (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ). معناه : أن يقوم الرجل منكم وحده أو مع غيره ثمّ تتساءلون : هل جرّبنا على محمّد كذبا؟ وهل رأينا منه جنّة؟ ففي ذلك دلالة على بطلان ما ذكرتم فيه. وليس معنى القيام [هنا القيام] على الأرجل ، وإنّما المراد به القصد للإصلاح والإقبال عليه مناظرا مع غيره ومفكّرا في نفسه. لأنّ الحقّ إنّما يظهر بهما. وقد تمّ الكلام عند قوله : (تَتَفَكَّرُوا) وما للنفي. أي : [ليس] بمحمّد جنون. وإن جعلت تمام الكلام آخر الآية ، فالمعنى : ثمّ تتفكّروا أيّ شيء بصاحبكم من الجنون. أي : هل
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦١٨.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٠٤.