(الَّذِينَ كَفَرُوا). هم اليهود. وقيل : مشركو العرب. وهو الأصحّ. [(لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ) ؛ أي :] لن نصدّق بأنّ هذا القرآن من الله. (وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) من أمور الآخرة. وقيل : يعنون به التوراة والإنجيل. وذلك [أنّه] لمّا قال مؤمنو أهل الكتاب : إنّ صفة محمّد في كتابنا وهو نبيّ مبعوث ، كفر المشركون بكتابهم. (مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ؛ أي : محبوسون للحساب يوم القيامة يردّ بعضهم على بعض القول في الجدال. (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) وهم الأتباع ، للأشراف والقادة. (لَوْ لا أَنْتُمْ) ؛ أي : لو لا دعاؤكم إيّانا إلى الكفر ، لآمنّا بالله في الدنيا. (١)
[٣٢] (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (٣٢))
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) ؛ أي : للأتباع ، على طريقة الإنكار. (أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ) ؛ أي : لم نصدّكم عن قبول الهدى ، بل أنتم كفرتم ولم نحملكم على الكفر قهرا. فكلّ واحد من الفريقين ترك الذنب على صاحبه ولم يضف واحد منهم الذنب إلى الله. (٢)
[٣٣] (وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٣))
وقال الأتباع للمتبوعين : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) صدّنا عن قبول الهدى حين أمرتمونا أن نجحد وحدانيّة الله ودعوتمونا إلى أن نجعل له شركاء في العبادة. (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) ؛ أي : أظهروها. أو : أخفوها. فعلى الأوّل معناه : أظهر المتبوعون الندامة على الإضلال وأظهر الأتباع على الضلال. وقيل : معناه : أقبل بعضهم على بعض يلومه ويظهر ندمه. ومن قال بالثاني ، معناه : أخفوا الندامة في أنفسهم خوف الفضيحة ، أو أنّ الرؤساء أخفوا الندامة عن
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦١٣.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٦١٣.