لغيره فيها نصيب. وثالثها قول من قال : التركيبات والحوادث كلّها من الله ، لكن فوّض ذلك إلى الكواكب. وأشار إلى بطلان هذا بقوله : (وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ). ورابعها مذهب من زعم أنّا نعبد الأصنام والملائكة ليشفعوا لنا ، فبيّن بطلان مذهبهم بقوله : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) ـ الآية. (١)
[٢٣] (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣))
وقال عليهالسلام في قوله : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) : لا يقبل الله الشفاعة يوم القيامة لأحد من الأنبياء حتّى يؤذن له في الشفاعة إلّا رسول الله والأئمّة عليهمالسلام. فقد أذن لهم في الشفاعة قبل يوم القيامة. (٢)
(وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) عند الله إلّا لمن رضيه الله وأذن له في الشفاعة مثل الملائكة والأنبياء والأولياء. أو المعنى : إلّا لمن أذن له في أن يشفع له فيكون مثل لا يشفعون إلّا لمن ارتضى. وإنّما قال سبحانه ذلك [لأنّ] الكفّار كانوا يقولون : نعبدهم ليقرّبونا إلى الله زلفى وهؤلاء شفعاؤنا عند الله ، فحكم تعالى ببطلان اعتقاداتهم. (حَتَّى إِذا فُزِّعَ) ؛ أي : كشف الفزع أو كشفه الله. والضمير في (قُلُوبِهِمْ) يعود إلى المشركين. أي : حتّى إذا خرج عن قلوبهم الفزع ليسمعوا كلام الملائكة. (قالُوا) ؛ أي : قالت الملائكة لهم : (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا) أي المشركون مجيبين لهم : (الْحَقَّ) ؛ أي : قال الحقّ. فيعترفون أنّ ماجاءته الرسل كان حقّا. (الْعَلِيُّ) ؛ أي : القادر المطاع. (الْكَبِيرُ) في قدرته. أهل الكوفة غير عاصم : (أَذِنَ) بضمّ الهمزة. وابن عامر ويعقوب : (فُزِّعَ) بفتح الفاء والزاء. (٣)
(حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ). وذلك أنّ أهل السموات لم يسمعوا وحيا بعد عيسى ، فلمّا بعث الله جبرئيل إلى محمّد صلىاللهعليهوآله سمع أهل السموات صوت وحي القرآن ، فصعق أهل
__________________
(١) تفسير النيسابوريّ ٢٢ / ٥٨.
(٢) تأويل الآيات ٢ / ٤٧٦ ، عن الباقر عليهالسلام.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٠٩ و ٦٠٧.