بلفظ الخبر ، على أنّه شكوى منهم لبعد سفرهم إفراطا في الترفّه وعدم الاعتداء بما أنعم عليهم فيه. (١)
[٢٠] (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠))
عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا قال بغدير خمّ : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، كان إبليس حاضرا بعفاريته فقالت له : ما هكذا قلت لنا. لقد أخبرتنا أنّ هذا إذا مضى ، افترق أصحابه. وهذا أمر مستقرّ كلّما أراد أن يذهب واحد ، بدر آخر. قال : افترقوا. فإنّ أصحابه قد وعدوني ألّا يقرّوا له بشيء ممّا قال. وهو قوله عزوجل : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). وهم شيعته. وذلك الظنّ عند قولهم انّه ينطق عن الهوى وقول أحد المنافقين لصاحبه : أما ترى عينيه تدوران في أمّ رأسه كأنّه مجنون. يعنون رسول الله. وقال عليهالسلام : لمّا قبض رسول الله وأقام الناس غير عليّ ، لبس إبليس تاج الملك ونصب منبرا وقعد في الثويّة وجمع خيله ورجله ثمّ قال : اطربوا. لا يطاع الله حتّى تقوم الساعة. ثمّ تلا عليهالسلام : (وَلَقَدْ صَدَّقَ) ـ الآية. (٢)
(صَدَّقَ). قرأ يعقوب : (صَدَّقَ) بالتشديد (إِبْلِيسُ) بالنصب (ظَنَّهُ) بالرفع. (عَلَيْهِمْ) الضمير في عليهم يعود إلى أهل سبأ. وقيل : إلى الناس كلّهم إلّا من أطاع الله. والمعنى : انّ إبليس كان قد قال : لأغوينّهم ولأضلّنّهم ، وما قال ذلك إلّا ظنّا. فلمّا تابعه أهل الزيغ والشرك ، حقّق ظنّه. (فَاتَّبَعُوهُ) فيما دعاهم إليه. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). من للبيان. أي : هم المؤمنون. وما كان لإبليس على من أغواه سلطان يتمكّن به من إجبارهم. وإنّما يمكنه الوسوسة فقط ؛ كما قال : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ)(٣) ـ الآية. (٤)
[٢١] (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٥٩.
(٢) تأويل الآيات ٢ / ٤٧٣ ـ ٤٧٥.
(٣) إبراهيم (١٤) / ٢٢.
(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٠٧ ـ ٦٠٨.