متكاملة عليهم في السفر كالحضر. (١)
[١٩] (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩))
عن أبي الصالح قال : ألقت طريفة الكاهنة إلى عمرو بن عامر الذي يقال له ابن ماء السماء وكانت قد رأت في كهانتها أنّ سدّ مأرب سيخرب وأنّه سيأتي سيل العرم فيخرّب الجنّتين. فباع عمرو [بن] عامر أمواله وسار هو وقومه حتّى انتهوا إلى مكّة فأقاموا بها وما حولها ، فأصابتهم الحمّى وكانوا لا يدرون ما الحمّى. فدعوا طريفة فشكوا إليها. فقالت لهم : قد أصابني مثلكم. قالوا : فماذا تأمرين؟ قالت : من كان منكم ذا همّ بعيد وجمل شديد ومزاد جديد ، فليلحق بقصر عمان. وكانت أزد عمان. ومن كان منكم ذا جلد وصبر على أزمات الدهر ، فعليه بالأراك من بطن مرّ. وكانت خزاعة. ومن أراد النخل ، فليلحق بيثرب. وكانت الأوس والخزرج. ومن كان ملابس التاج والحرير ، فليلحق بالشام. وكانت جفنة بن غسّان. ومن كان يريد الثياب الرقاق والخيل العتاق ، فليلحق بالعراق. وكانت آل جذيمة. أخبر سبحانه أنّهم بطروا بقوله : (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) ؛ أي : اجعل بيننا وبين الشام فلوات ومفاوز لنركب إليها الرواحل ونقطع المنازل ، كما قالت بنو إسرائيل لمّا ملّوا النعمة : أخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها بدلا من المنّ والسلوى. (وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بارتكاب الكفر والمعاصي (فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) لمن بعدهم يتحدّثون بأمرهم وشأنهم ويضربون بهم المثل فيقولون : (تفرقوا أيادي سبأ) إذا تفرّقوا أعظم التفريق. (وَمَزَّقْناهُمْ) ؛ أي : فرّقناهم في كلّ وجه من البلاد كلّ تفريق. (صَبَّارٍ) على الشدائد. (شَكُورٍ) على النعماء. (٢)
(باعِدْ). قرأ أبو عمرو وابن كثير : «بعد» بالتشديد على لفظ الأمر ، ويعقوب : (باعِدْ)
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦٠٥ ـ ٦٠٦.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٠٦.