أنّهم كانوا ينحرون الإبل ويتياسرون عليها ويبذّرون أموالهم في السمعة ، فنهاهم عن ذلك وأمرهم بالإنفاق في القربات. (١)
[٢٨] (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (٢٨))
(وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ) ؛ أي : وإن أعرضت عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل حياء من الردّ ، (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ) : لانتظار رزق من الله ترجوه أن يأتيك فتعطيه. (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) ؛ أي : فقل لهم قولا ليّنا. وقيل : القول الميسور الدعاء لهم بالميسور ـ وهو اليسر ـ مثل : أغناكم الله ، ورزقنا الله وإيّاكم. (٢)
(فَقُلْ لَهُمْ) ؛ أي : عدهم عدة حسنة. روي أنّه صلىاللهعليهوآله كان لمّا أنزلت هذه الآية ولم يكن عنده ما يعطي قال : يرزقنا الله وإيّاكم. (٣)
[٢٩] (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (٢٩))
(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ) ـ الآية. تمثيلان لمنع الشحيح وإسراف المبذّر. نهى عنهما آمرا بالاقتصاد بينهما الذي هو الكرم. (٤)
(يَدَكَ). عن أبي عبد الله عليهالسلام : علّم الله نبيّه صلىاللهعليهوآله كيف ينفق. وذلك أنّه كانت عنده أوقيّة من الذهب فكره أن تبيت عنده فتصدّق بها ، فأصبح وليس عنده شيء. وجاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه. وكان رحيما رقيقا صلىاللهعليهوآله فأدّب الله عزوجل نبيّه فقال : (وَلا تَجْعَلْ) ـ الآية. يقول : إنّ الناس قد يسألونك ولا يعذرونك. فإذا أعطيت جميع ما عندك من المال ، قد كنت حسرت من المال. (٥)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٦٩.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٦٩.
(٣) مجمع البيان ٦ / ٦٣٤.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٦٩.
(٥) الكافي ٥ / ٦٧ ـ ٦٨ ، ح ١.