(وَلا تَبْسُطْها) ؛ أي : لا تعط جميع ما عندك من المال فتكون بمنزلة من بسط يده حتّى لا يستقرّ بها شيء. وهذا كناية عن الإسراف. (مَلُوماً) : [تلوم] نفسك وتلام. (مَحْسُوراً) : منقطعا ليس عندك شيء. وقيل : محسورا من الثياب. والمحسور : العريان. عن أبي عبد الله عليهالسلام : وقيل : معناه : إن أمسكت ، قعدت ملوما ؛ وإن أسرفت ، بقيت متحسّرا مغموما. روي أنّ امرأة بعثت ابنها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقالت له : قل له : إنّ أمّي تستكسك درعا. فإن قال : حتّى يأتينا شيء ، فقل له : إنّها تريد قميصك. فأتاه فقال ما قالت له ، فنزع قميصه فدفعه إليه. فنزلت الآية. ويقال : إنّه عليهالسلام بقي في البيت عريانا إذ لم يجد شيئا يلبسه ولم يمكنه الخروج إلى الصلاة. فلامه الكفّار وقالوا : إنّ محمّدا اشتغل باللهو والنوم عن الصلاة. (١)
[٣٠] (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٣٠))
(إِنَّ رَبَّكَ). سلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله عمّا كان يرهقه من الإضافة (٢) بأنّ ذلك ليس لهوان منك عليه ولا لبخل به عليك ، ولكن لأنّ مشيّته في بسط الأرزاق وقدرها تابعة للحكمة. ويحتمل أنّه عزوجل إن بسط لعباده أو قبض ، فإنّه يراعي أوسط الحالين لا يبلغ بالمبسوط له غاية مراده ولا بالمقبوض عليه أقصى مكروهه ، فاستنّوا بسنّته. (٣) (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) ؛ أي : يوسّع ويضيّق بحسب المصلحة مع سعة خزائنه. لأنّه خبير بصير بأحوالهم ومصالحهم. يعني أنّه سبحانه مع غناه وكمال قدرته ، يوسّع مرّة ويضيّق أخرى ، فمن هو دونه أولى بأن يراعي الاقتصاد. (٤)
[٣١] (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٦٣٤ ـ ٦٣٥.
(٢) الصحيح ما أثبتنا في المتن كما ورد في تفسير النيسابوريّ ١٥ / ٣٣. والإضافة ، بالفاء ـ كما ورد في النسخة والمصدر وتفسير البيضاويّ ١ / ٥٦٩ ـ خطأ.
(٣) الكشّاف ٢ / ٦٦٣.
(٤) مجمع البيان ٦ / ٦٣٥.