حصل على علم عندي بوجوه المكاسب والزراعات والتجارات. وقيل : على علم عندي بصنعة الذهب وهو علم الكيمياء. حكي أنّ موسى علّم قارون الثلث من صنعة الكيمياء ، وعلّم يوشع الثلث منها ، وعلّم ابن هارون أو طالوت الثلث منها ، فخدعهما قارون حتّى علم ما عندهما وعمل بالكيمياء فكثرت أمواله. وقيل : علم بكنوز يوسف. و (عَلى عِلْمٍ) في موضع الحال ، و (عِنْدِي) صفة له أو متعلّق بأوتيته. (أولم يعلم أن الله قد أهلك من القرو) (الكافرة بنعمته (من هو أشد منه قوة وأكثر مالا) كقوم عاد وثمود وقوم لوط. يعني أنّ ماله لا يقيه من العذاب. أو يكون ردّا لادّعائه العلم وتعظّمه به بنفي هذا العلم منه. أي : [أ] عنده مثل ذلك العلم [الذي] ادّعاه ولم يعلم هذا حتّى يقي به نفسه مصارع الهالكين؟ (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ). يعني يدخلون النار بغير حساب. وقيل : إنّهم لا يسألون سؤال استعلام ، فإنّه تعالى يطّلع عليها ، أو معاتبة ، فإنّهم يعذّبون بها بغتة. وأمّا قوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(١) فإنّما ذلك سؤال تقريع وتوبيخ لا ليعلم ذلك من قبلهم. وكأنّه لمّا هدّد قارون بذكر إهلاك من قبله ، أكّد ذلك بأن بيّن أنّه لم يكن [مطّلعا على ما] يخصّهم بل الله مطّلع على ذنوب المجرمين كلّهم معاقبهم عليها لا محالة. (٢)
[٧٩] (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩))
(فَخَرَجَ) ؛ أي : خرج قارون على بني إسرائيل (فِي زِينَتِهِ) التي كان يتزيّن بها. وقيل : إنّه خرج في أربعة آلاف دابّة عليها أربعة آلاف فارس عليهم وعلى دوابّهم الأرجوان وهو الصبغ الأحمر. وقيل : خرج في سبعين ألفا عليهم المعصفرات يريدون الحياة الدنيا من الكفّار والمنافقين وضعيفي الإيمان. (مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ). تمنّوا مثله لا عينه حذرا من الحسد. (حَظٍّ عَظِيمٍ) ؛ أي : نصيب وافر من الدنيا. (٣)
__________________
(١) الحجر (١٥) / ٩٢.
(٢) مجمع البيان ٧ / ٤١٧ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٢٠٠.
(٣) مجمع البيان ٧ / ٤١٧ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٢٠٠.