(يَوْمَ يُنادِيهِمْ). أمّا العامّة فتقول : ذلك في القيامة. وأمّا الخاصّة فرووا عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : إنّ العبد إذا أدخل قبره ، دخل عليه منكر وفزع منه. فيقول : ما تقول في هذا النبيّ الذي بين أظهركم؟ فإن كان مؤمنا يشهد أنّه رسول الله بالحقّ ، فيقول له : ارقد ، ويتنحّى عنه الشيطان وفسح له في قبره سبعة أذرع ويرى مكانه في الجنّة. وإذا كان كافرا قال : لا أدري ، فيضرب ضربة يسمعها كلّ من خلق إلّا الإنسان ، ويسلّط عليه شيطان يقول له : أنا قرينك ، ويسلّط عليه الحيّات والعقارب. (١)
[٦٦] (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦))
(فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ) ؛ أي : خفيت واشتبهت عليهم طرق الجواب يومئذ فصاروا كالأعمى. وقيل : معناه : فالتبست عليهم الحجج فهم لا يحتجّون ولا ينطقون بحجّة. لأنّ الله أدحض حجّتهم وأكلّ ألسنتهم فسكتوا. فذلك قوله : (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) ؛ أي : لا يسأل بعضهم بعضا عن الحجج أو عن العذر الذي يعتذر به في الجواب. أو : لا يسأل بعضهم بعضا كما يتساءل الناس في المشكلات لأنّهم يتساوون جميعا في عمى الأنباء عليهم والعجز عن الجواب. والمراد بالنبأ الخبر عمّا أجاب به المرسل إليه ورسوله. وإذا كانت الأنبياء لهول ذلك اليوم يتعتعون في الجواب عن مثل هذا السؤال ويفوّضون الأمر إلى علم الله ـ وذلك قوله تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) إلى : (عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(٢) ـ فما ظنّك بالضلّال من أممهم؟ (٣)
[٦٧] (فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧))
(مَنْ تابَ) من المشركين وجمع بين الإيمان والعمل الصالح ، فعسى أن يفلح عند الله. وعسى من الكرام تحقيق. ويجوز أن يراد ترجّي التائب. كأنّه قال : فليطمع أن يفلح. أو يقال : إنّه ليس بمقطوع بفلاحه. لأنّه على رجاء أن يدوم على ذلك فيفلح وقد يجوز أن يزلّ فيما بعد
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ١٤٣.
(٢) المائدة (٥) / ١٠٩.
(٣) مجمع البيان ٧ / ٤٠٩ ، والكشّاف ٣ / ٤٢٧.