قوم لوط. فإنّها صارت خالية من أهلها وهي قريبة منكم ، لأنّها كانت بين الشام واليمن يمرّون عليها في تجاراتهم. وقوله : (إِلَّا قَلِيلاً) أراد به المارّة ؛ فإنّهم يسكنونها يوما أو بعض يوم. (نَحْنُ الْوارِثِينَ). لأنّه لم يخلفهم أحد يتصرّف تصرّفهم. وفي هذه الآية بيّن أنّ الأمر بالعكس. يعني أنّه ينبغي أن يخافوا من بأس الله وعذابه لا من تخطّف الأرض. (١)
[٥٩] (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاَّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ (٥٩))
(وَما كانَ رَبُّكَ) ؛ أي : ما كان عادة ربّك يا محمّد. (فِي أُمِّها) ؛ أي : في أصلها وقصبتها. لأنّ أهلها يكون أفطن وأنبل. أو المراد أمّ القرى وهي مكّة. (ظالِمُونَ). أي لنفوسهم بالكفر والمعاصي. (٢)
[٦٠] (وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٠))
(وَما أُوتِيتُمْ). خطاب للعباد. أي : ما أعطيتموه من شيء (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) ؛ أي : تتمتّعون وتزيّنون به مدّة حياتكم المنقضية. (وَما عِنْدَ اللهِ) من الثواب (خَيْرٌ) في نفسه من ذلك. لأنّه لذّة خالصة وبهجة كاملة. (وَأَبْقى). لأنّه أبديّ. (أَفَلا تَعْقِلُونَ). أبو عمرو : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) بالتاء والياء كيف شئت ، والباقون بالتاء. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) فتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ (٣)
[٦١] (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١))
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ٤٠٧ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ١٩٦ ـ ١٩٧.
(٢) مجمع البيان ٧ / ٤٠٧ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ١٩٧ ، والكشّاف ٣ / ٤٢٤.
(٣) مجمع البيان ٧ / ٤٠٧ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ١٩٧.