قوله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). (١) أو المراد بالهداية في الآية الإجبار على الاهتداء. وقيل : معناه : ليس عليك اهتداؤهم وقبولهم الحقّ ؛ (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) بلطفه. وقيل : هو على وجه الإجبار. (٢)
[٥٧] (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٧))
(نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) ؛ أي : نخرج منها. نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف. أتى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : نحن نعلم أنّك على الحقّ ، ولكن نخاف إن اتّبعناك وخالفنا العرب ـ وإنّما نحن أكلة رأس ـ أن يتخطّفونا من أرضنا. فردّ الله عليهم بقوله : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ) ؛ أي : ألم نجعل مكانهم حرما ذا أمن لحرمة البيت الذي فيه تتقاتل العرب حوله وهم آمنون فيه؟ (يُجْبى إِلَيْهِ) ؛ أي : يحمل. (رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا). فإذا كان هذا حالهم وهم عبدة الأصنام ، فكيف نعرضهم للتخوّف والتخطّف إذا ضمّوا إلى حرمة البيت حرمة التوحيد؟ ولكنّ أكثرهم جهلة لا يتفطّنون. أهل المدينة : تجبى إليه بالتاء. وانتصاب (رِزْقاً) على الحال من الثمرات لتخصيصها بالإضافة ـ أي : مرزوقة ـ أو على المصدر من معنى يجبى. (٣)
(كُلِّ شَيْءٍ) ؛ أي : كلّ أرض وبلد. (٤)
[٥٨] (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ (٥٨))
(مِنْ قَرْيَةٍ) ؛ أي : من أهل قرية. (بَطِرَتْ). البطر : الطغيان. (مَعِيشَتَها) ؛ أي : في معيشتها بأن أعرضت عن الشكر وتكبّرت. أي أعطيناهم المعيشة الواسعة فكفروا النعمة فأهلكناهم. (لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً). إشارة إلى ما يعرفونه من ديار عاد وثمود و
__________________
(١) الشورى (٤٢) / ٥٢.
(٢) مجمع البيان ٧ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٩٦.
(٤) مجمع البيان ٧ / ٤٠٧.