القرآن حتّى أتّبعه إن صدقتم أنّ التوراة والقرآن سحران. (١)
[٥٠] (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠))
ثمّ قال لنبيّه : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) ؛ أي : فإن لم يأتوا بمثل التوراة والقرآن. أو : فإن لم يستجيبوا لك إلى الإيمان مع ظهور الحقّ ، فاعلم أنّهم إنّما يتّبعون ما يميل إليه طباعهم. قال الزجّاج : أي : فاعلم أنّ ما ركبوه من الكفر لا حجّة لهم فيه وإنّما آثروا فيه الهوى. ثمّ ذمّهم فقال : (وَمَنْ أَضَلُّ) ؛ أي : لا أحد أضلّ ممّن يتّبع هواه بغير رشاد ولا بيان جاءه من الله. (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) إلى طريق الجنّة ، أو لا يحكم بهدايتهم. أو إنّهم إذا لم يهتدوا بهدى الله ، فكأنّه لم يهدهم. (٢)
قوله : (مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ) ؛ أي : من يتّخذ دينه برأيه بغير إمام من الله من أئمّة الهدى عليهمالسلام. (٣)
[٥١] (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١))
(وَلَقَدْ وَصَّلْنا) ؛ أي : فصّلناه وبيّنّاه. يعني : أتينا بآية بعد آية وبيان بعد بيان وأخبرناهم بأخبار الأنبياء والمهلكين من أممهم. (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ويتفكّرون في الحقّ. (٤)
عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله : (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) قال : إمام بعد إمام. ومعنى (وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) هو القول في الإمامة. أي : جعله الله متّصلا من إمام إلى إمام من لدن آدم إلى القائم عليهالسلام. والقول هو قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً). (٥) وما زال لله في الأرض خليفة لئلّا يكون للناس على الله حجّة. ومعنى قوله : (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) من ذكرى ؛ مثل قوله : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ). (٦) ومعنى آخر :
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ٤٠٢.
(٢) مجمع البيان ٧ / ٤٠٢.
(٣) تأويل الآيات ١ / ٤٢٠.
(٤) مجمع البيان ٧ / ٤٠٣.
(٥) البقرة (٢) / ٣٠.
(٦) الذاريات (٥١) / ٥٥.