ساق الحديث في فضل محمّد وأهل بيته عليهمالسلام إلى أن قال : ـ فهل عندك أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله أفضل من أمّتي ظللت عليهم الغمام وأنزلت عليهم المنّ والسلوى؟ فقال : يا موسى ، أمّة محمّد أفضل خلقي. فقال موسى : ليتني كنت أراهم. فأوحى الله إليه : تراهم في الجنّات. وهذا ليس أوان ظهورهم. أفتحبّ أن تسمع كلامهم؟ قال : نعم. فنادى ربّنا : يا أمّة محمّد. فأجابوه بالتلبية الموضوعة للحجّ. فقال الله : من أتاني منكم يقرّ بأنّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام أخو النبيّ ووصيّه ووليّه ، أدخله جنّتي. فلمّا بعث الله محمّدا صلىاللهعليهوآله قال : يا محمّد ، (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) أمّتك بهذه الكرامة. ثمّ قال الله : يا محمّد ، قل الحمد لله ربّ العالمين على ما اختصّني من هذه الفضيلة. (١)
[٤٧] (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧))
فإن قلت : القول هو السبب في الإرسال لا العقوبة. فكيف دخل حرف الامتناع عليها؟ قلت : القول هو المقصود بأن يكون سببا لإرسال الرسل ولكنّ العقوبة لمّا كانت هي السبب للقول وكان وجوده بوجودها ، جعلت العقوبة كأنّها سبب الإرسال بواسطة القول فأدخلت عليها لو لا وجيء بالقول معطوفا عليها بالفاء المعطية للسببيّة. ويؤول معناه إلى قولك : ولو لا قولهم هذا إذا أصابتهم مصيبة ، ما أرسلناك ؛ ولكن اختيرت هذه الطريقة لنكتة وهي أنّهم لو لم يعاقبوا مثلا على كفرهم وقد عاينوا ما ألجئوا به إلى العلم اليقين ، لم يقولوا : (لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً) وإنّما السبب في قولهم هذا ، هو العقاب لا غير لا التأسّف على ما فاتهم من الإيمان. وفي هذا شهادة على استحكام كفرهم. (٢)
[٤٨] (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ (٤٨))
__________________
(١) تأويل الآيات ١ / ٤١٧ ـ ٤٢٠.
(٢) الكشّاف ٣ / ٤١٨ ـ ٤١٩.