العاقبة المحمودة ؛ لقوله : (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ* جَنَّاتُ عَدْنٍ). (١) وأراد بالدار الدنيا ، وعاقبتها وعقباها أن يختم للعبد بالرحمة. و [قرأابن كثير :] «قال موسى» بغير واو. وهي قراءة حسنة. لأنّ الموضع موضع سؤال عمّا أجابهم به موسى تسميتهم الآيات الباهرات سحرا مفترى. ووجه الأخرى أنّهم قالوا ذلك وقال موسى هذا ليوازن الناظر بين القول والمقول ويتبصّر فساد أحدهما وصحّة الآخر. (٢)
(أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى) ؛ أي : أعلم بأنّي جئت بهذه الآيات الدالّة على الهدى من عنده ، فهو شاهد لي على ذلك إن كذّبتموني ويعلم أنّ العاقبة الحميدة لنا ولأهل الحقّ. وهذا كما يقال على سبيل المظاهرة : الله أعلم بالمحقّ منّا والمبطل. وحجّتي ظاهرة. (وَقالَ مُوسى) ابن كثير : (قالَ مُوسى). بغير واو. وكذلك هو في مصاحف مكّة. (٣)
[٣٨] (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ (٣٨))
(وَقالَ فِرْعَوْنُ) منكرا لما أتى به موسى من آيات الله لمّا أعياه الجواب : (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ). يريد به أشراف قومه. (عَلَى الطِّينِ) ؛ أي : أجّج النار على الطين واتّخذ الآجر. قيل : إنّه أوّل من بنى الآجر وشوّاه. (صَرْحاً) ؛ أي : قصرا عاليا لعلّي أصعد إلى إله موسى وأقف على حاله. وهذا تلبيس من فرعون على العوامّ أنّ الذي يدعو إليه موسى يجري مجراه في الحاجة إلى المكان والجهة. (مِنَ الْكاذِبِينَ) في ادّعائه إلها غيرى وأنّه رسوله. (٤)
(صَرْحاً). روي أنّه لمّا أمر ببناء الصرح ، جمع هامان العمّال حتّى اجتمع خمسون ألف بنّاء سوى الأتباع والأجراء فشيّدوه في الهواء. فبعث الله جبرئيل فضربه فقطّعه ثلاث قطع وقعت قطعة على عسكر فرعون قتلت ألف ألف رجل ، ووقعت قطعة في البحر وقطعة في
__________________
(١) الرعد (١٣) / ٢٢ ـ ٢٣.
(٢) الكشّاف ٣ / ٤١١ ـ ٤١٢.
(٣) مجمع البيان ٧ / ٣٩٧ ـ ٣٩٨ و ٣٩٦.
(٤) مجمع البيان ٧ / ٣٩٨.