رسول أمين. واتّقوا الله وأطيعون لأنّي لا أسألكم عليه أجرا فتخافوا تلف أموالكم به. وكلّ واحد من هذين المعنيين يقوّي الداعي على قبول قول الغير ويبعّد عن التهمة. (١)
[١١١] (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١))
قرأيعقوب : وأتباعك الأرذلون» (وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) ؛ أي سفلة الناس وأراذلهم. وقيل : يعنون الحاكة والأساكفة. يعني : لو اتّبعناك ، لصرنا مثلهم ومعدودين من جملتهم. وهذا جهل منهم. لأنّه ليس في إيمان الأرذلين ما يوجب تكذيبه. فإنّ الرذل إذا أطاع سلطانه استحقّ القرب عنده دون الشريف العاصي. (٢)
(الْأَرْذَلُونَ). وهكذا كانت قريش تقول في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله. وما زالت أتباع الأنبياء كذلك حتّى صارت من سماتهم. ألا ترى إلى هر قل ملك الروم حين سأل أبا سفيان عن أتباع رسول الله فلمّا قال : ضعفاء الناس وأراذلهم ، قال : ما زالت أتباع الأنبياء كذلك. (٣)
[١١٢] (قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢))
(وَما عِلْمِي) ؛ أي : ما أعلم أعمالهم وصنائعهم ولم أكلّف وإنّما كلّفت أن أدعوهم إلى الله وقد أجابوني إليه. (٤)
(وَما عِلْمِي) : أيّ شيء علمي؟ والمراد انتفاء علمه بإخلاص أعمالهم لله واطّلاعه على سرّ أمرهم وباطنه. وإنّما قال هذا لأنّهم قد طعنوا ـ مع استرذالهم ـ في إيمانهم وأنّهم لم يؤمنوا عن نظر وبصيرة وإنّما آمنوا هوى وبديهة. كما حكى الله عنهم في قوله : (الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ). (٥) ويجوز أن يتغابى لهم نوح عليهالسلام فيفسّر قولهم الأرذلين بما هو الرذالة عنده ثمّ يبني جوابه على ذلك فيقول : ما عليّ إلّا اعتبار الظواهر دون التفتيش عن أسرارهم
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ٣٠٨.
(٢) مجمع البيان ٧ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨.
(٣) الكشّاف ٣ / ٣٢٤.
(٤) مجمع البيان ٧ / ٣٠٨.
(٥) هود (١١) / ٢٧.