في سجوني. وكان من عادته أن يأخذ من يريد سجنه فيطرحه في هوّة ذاهبة في الأرض بعيدة العمق فردا لا يبصر فيها ولا يسمع ، فكان ذلك أشدّ من القتل. (١)
[٣٠] (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠))
(أَوَلَوْ جِئْتُكَ). الواو للحال دخلت عليها همزة الاستفهام. معناه : أتفعل ذلك ولو جئتك بشيء مبين ؛ أي : جائيا بالمعجزة. (٢)
[٣١] (قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١))
وفي قوله : (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أنّه لا يأتي بالمعجزة إلّا الصادق في دعواه. لأنّ المعجزة تصديق من الله لمدّعي النبوّة ، والحكيم لا يصدّق الكاذب. ومن العجب أنّ مثل فرعون لم يخف عليه هذا وخفي على ناس من أهل القبلة حيث جوّزوا القبيح على الله حتّى لزمهم تصديق الكاذبين بالمعجزات. وتقديره : إن كنت من الصادقين في دعواك أتيت به. فحذف الجزاء. (٣)
[٣٢] (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (٣٢))
(ثُعْبانٌ مُبِينٌ) : ظاهر الثعبانيّة لا شيء يشبه الثعبان كما تكون الأشياء المزوّرة بالشعوذة. وروي أنّها انقلبت حيّة ارتفعت في السماء قدر ميل وانحطّت مقبلة إلى فرعون وجعلت تقول : يا موسى ، مرني بما شئت. ويقول فرعون : أسألك بالّذي أرسلك إلّا أخذتها. فأخذها فعادت عصا. (٤)
(ثُعْبانٌ مُبِينٌ) فهرب فرعون ومن حوله وقال : يا موسى ، أنشدك بالله والرضاع إلّا ما كففتها عنّا! فكفّها. فلمّا أخذ موسى العصا ، همّ فرعون بتصديقه. فقال له هامان : بينما أنت إله
__________________
(١) الكشّاف ٣ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩.
(٢) الكشّاف ٣ / ٣٠٩.
(٣) الكشّاف ٣ / ٣٠٩.
(٤) الكشّاف ٣ / ٣١٠.