تعبد إذ صرت تابعا لعبد! فقال فرعون لمن حوله : (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ). وكان فرعون وهامان غلبا الناس بالسحر وبه ادّعى فرعون الإلهيّة. (١)
صارت العصا ثعبانا كأعظم ما يكون أسود مدلهمّ له قوائم أربع قصار غلاظ ، وله ذنب يقوم عليه فيشرف فوق حيطان المدينة رأسه وعنقه وكاهله ويكسر بقوائمه الصخور الصلاب ، وله عينان تلتهبان نارا ومنخران تنفخان سموما ، وعلى مفرقه شعر كأمثال الرماح ، وله أنياب وأضراس ، وله فحيح وصرير فابتلعت ما ألقوا من الحبال والعصيّ. وانهزم الناس فزعين وطئ بعضهم بعضا حتّى مات منهم في ذلك الزحام خمسة وعشرون ألفا. وانهزم فرعون وقد استطلق بطنه في يومه ذلك عن أربعمائة جلسة ، ثمّ بعد ذلك إلى أربعين مرّة في اليوم واللّيلة إلى أن هلك. (٢)
[٣٣] (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣))
(لِلنَّاظِرِينَ). دليل على أنّ بياضها كان شيئا تجتمع النظّارة على النظر إليه لخروجه عن العادة وكان بياضا نوريّا. روي أنّ فرعون لمّا أبصر الآية الأولى قال : فهل غيرها؟ فأخرج يده فقال له : ما هذه؟ قال : يدك. فأدخلها في إبطه ثمّ نزعها ولها شعاع يكاد يغشي الأبصار ويسدّ الأفق. ولقد تحيّر فرعون لمّا رأى الآيتين حتّى حطّ عن منكبيه دعوى الربوبيّة وبلغت به الاستكانة لمن سمّاهم عبيده أن طفق يؤامرهم. (٣)
[٣٤] (قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤))
(لَساحِرٌ عَلِيمٌ). هذا قول باهت إذا غلب ومتمحّل إذا ألزم. (٤)
[٣٥] (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ (٣٥))
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ١١٩.
(٢) بحار الأنوار ١٣ / ١٤٩ ـ ١٥٠.
(٣) الكشّاف ٣ / ٣١٠.
(٤) الكشّاف ٣ / ٣١٠.