(أَلا تَسْتَمِعُونَ) أسأله عن الكيفيّة فيجيبني عن الصفات؟ (١)
(حَوْلَهُ) ؛ أي : مستقرّين حوله. فهو ظرف وقع موقع الحال. (٢)
[٢٦] (قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦))
[٢٧] (قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧))
(لَمَجْنُونٌ). لأنّي أساله عن ماهيّة ربّ العالمين فيجيبني عن غير ذلك كما يفعل المجنون. (٣)
[٢٨] (قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨))
فإن قلت : كيف قال أوّلا : (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) وآخرا : (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)؟ قلت : لاين أوّلا. فلمّا رأى منهم شدّة الشكيمة في العناد وقلّة الإصغاء إلى عرض الحجج ، خاشن وعارض (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) بقوله : (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ). (٤)
(إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) ؛ أي : تعلمون أنّه يستحقّ العبادة بهذه الصفات. (٥)
[٢٩] (قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩))
(قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي) ، عدولا إلى التهديد عن المحاجّة بعد الانقطاع ؛ كما هو ديدن المعاند المحجوج. واستدلّ به على ادّعائه للألوهيّة وإنكاره للصانع وأنّ تعجّبه بقوله : (أَلا تَسْتَمِعُونَ) من نسبة الربوبيّة إلى غيره. ولعلّه كان دهريّا اعتقد أنّ من ملك قطرا أو تولّى أمره بقوّة طالعه استحقّ العبادة من أهله. (٦)
فإن قلت : ألم يكن لأسجننّك أخصر من (لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) ومؤدّيا مؤدّاه؟ قلت : أمّا أخصر ، فنعم. وأمّا مؤدّ مؤدّاه ، فلا. لأنّ معناه : لأجعلنّك واحدا ممّن عرفت حالهم
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ١١٩.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٥٤ (عند تفسير الآية ٣٤).
(٣) مجمع البيان ٧ / ٢٩٤.
(٤) الكشّاف ٣ / ٣٠٨.
(٥) مجمع البيان ٧ / ٢٩٤.
(٦) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٥٣.