تغيّظها تقطّعها عنده شدّة اضطرابها. وزفيرها صوتها عند شدّة التهابها كالتهاب الرجل المغتاظ. وقيل : التغيّظ للنار ، والزفير لأهلها. (١)(إِذا رَأَتْهُمْ) : إذا كانت بمرأى منهم. (تَغَيُّظاً وَزَفِيراً). [شبّه صوت] غليانها بصوت المغتاظ وزفيره. هذا ، وإنّ الحياة لمّا لم تكن مشروطة عندنا بالبنية ، أمكن أن يخلق الله فيها حياة فترى وتتغيّظ وتزفر. وقيل : إنّ ذلك لزبانيتها على حذف المضاف. (٢)
[١٣] (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (١٣))
(وَإِذا أُلْقُوا) من النار في مكان ضيّق عليهم كما يضيّق الزجّ في الرمح. (مُقَرَّنِينَ) ؛ أي : مصفّدين قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال. وقيل : قرنوا مع الشياطين في السلاسل. (دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) ؛ أي : دعوا بالويل والهلاك على أنفسهم كما يقول [القائل] : وا ثبوراه ؛ أي : وا هلاكاه. (٣)
(ضَيِّقاً) لزيادة العذاب. فإنّ الكرب مع الضيق والروح مع السعة. ولذلك وصف الله الجنّة بأنّ عرضها السموات والأرض. (٤)
(دَعَوْا هُنالِكَ) ؛ أي : في ذلك المكان. (٥)
[١٤] (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (١٤))
(لا تَدْعُوا) ويلا واحدا. أي : لا ينفعكم هذا وإن كثر منكم. قال الزجّاج : معناه : هلاككم أكثر من أن تدعوا مرّة واحدة. (٦)
(لا تَدْعُوا). أي يقال لهم ذلك. (ثُبُوراً كَثِيراً). لأنّ عذابهم أنواع كثيرة كلّ نوع منها ثبور لشدّته أو لأنّه يتجدّد ؛ [لقوله تعالى :](كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ)(٧). (٨)
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ٢٥٧.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٣٦.
(٣) مجمع البيان ٧ / ٢٥٧.
(٤) آل عمران (٣) / ١٣٣.
(٥) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٣٦.
(٦) مجمع البيان ٧ / ٢٥٧.
(٧) النساء (٤) / ٥٦.
(٨) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٣٦.