جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١))
(جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
لمّا تقدّم ذكر الاستئذان ، عقّبه سبحانه بذكر رفع الحرج عن المؤمنين في الانبساط في الأكل والشرب فقال ليس على هذه الثلاثة حرج. وقد قيل في تأويله وجوه. الأوّل : ليس عليكم حرج في مؤاكلتهم. لأنّهم كانوا يتحرّجون في ذلك ويقولون : إنّ الأعمى لا يبصر فنأكل جيّد الطعام دونه ، والأعرج لا يتمكّن من الجلوس ، والمريض يضعف عن الأكل. عن ابن عبّاس. الثاني : إنّ المسلمين كانوا إذا غزوا خلّفوا زمناهم وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ويقولون : قد أحللنا لكم أن تأكلوا من بيوتنا. وكان أولئك يتحرّجون من ذلك ويقولون : لا ندخلها وهم غيّب. فنفى الله سبحانه الحرج عن الزمنى في أكلهم من بيت من يدفع إليهم المفتاح إذا خرج للغزو. الثالث : انّه ليس على هؤلاء حرج في التخلّف عن الجهاد. ويكون قوله : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ) كلاما مستأنفا. فأوّل الكلام في الجهاد وآخره في الأكل. الرابع : انّ الزمنى والمرضى رخّص الله لهم في الأكل من بيوت من سمّاهم في الآية. وذلك أنّ قوما من الصحابة كانوا إذا لم يكن عندهم ما يطعمونهم ، ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وقراباتهم ، وكان أهل الزمانة يتحرّجون من أن يطعموا ذلك الطعام لأنّه يطعمهم غير مالكيه. (١)
(وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ) ؛ أي : ليس عليكم حرج في أنفسكم (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ). أي التي تملكونها. فإنّ ذلك هو الظاهر من الإطلاق. ولعلّ النكتة فيه مع ظهور الإباحة ، الإشارة إلى مساواة ما ذكر فيها والتنبيه على أنّ الأقارب المذكورين والصديق ينبغي جعلهم بمثابة النفس في أن يحبّ لهم ما يحبّ لها كما جعل بيوتهم كبيته. وقيل : هي بيوت الأزواج والعيال. لأنّ بيت المرأة كبيت الرجل. وقيل : هي بيوت الأولاد. لأنّهم لم يذكروا في الأقارب مع أنّهم أولى منهم بالموافقة. لأنّ بيت الولد كبيته ؛ لقوله صلىاللهعليهوآله : أنت ومالك
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥.