الهجر بالفتح ، إمّا بمعنى القطيعة أو الهذيان ـ أي : تعرضون عن القرآن أو تهذون في شأنه ـ أو الهجر بالضمّ [أي] الفحش. (١)
(مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ). تعلّق الباء بسامرا. أي : تسمرون بذكر القرآن وبالطعن فيه. وكانوا يجتمعون حول البيت باللّيل ويسمرون وكانت عامّة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحرا أو شعرا وسبّ رسول الله صلىاللهعليهوآله. والسامر نحو الحاضر في الإطلاق على الجمع. (٢)
(سامِراً تَهْجُرُونَ) ؛ أي : جعلتموه سمرا وهجرتموه. (٣)
[٦٨] (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨))
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) ؛ أي : ألم يتدبّروا القرآن فيعرفوا ما فيه من العبر والدلالات على صدق محمّد صلىاللهعليهوآله؟ (ما لَمْ يَأْتِ). قال ابن عبّاس : يريد : أليس قد أرسلنا نوحا والنبيّين إلى قومهم؟ وكذلك أرسلنا محمّدا. (٤)
(ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ) من الأمن من عذاب الله فلم يخافوا كما خاف آباؤهم الأقدمون كإسماعيل وأعقابه فآمنوا بالله وكتبه ورسله وأطاعوه. (٥)
[٦٩] (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩))
(أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ). قال ابن عبّاس : أليس هو محمّد الذي عرفوه صغيرا وكبيرا وصادق اللّسان أمينا وافيا بالعهد؟ وفي هذا توبيخ لهم بالإعراض عنه ما عرفوا صدقه مع شرف نسبه قبل الدعوة. (٦)
[٧٠] (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠))
(يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ). يريد : أيّ جنون ترون به؟ وفيه دلالة على جهلهم حيث أقرّوا له
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٠٨.
(٢) الكشّاف ٣ / ١٩٤.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٩٢.
(٤) مجمع البيان ٧ / ١٧٩.
(٥) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٠٨.
(٦) مجمع البيان ٧ / ١٧٩.