حفص : (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ) [بالتنوين] ؛ أي : من كلّ نوع زوجين ، واثنين تأكيد. (وَأَهْلَكَ) ؛ أي : أهل بيتك. أو : من آمن معك. (سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) ؛ أي : القول من الله بإهلاكه لكفره. وإنّما جيء بعلى لأنّ السابق ضارّ ، كما جيء باللّام حيث كان نافعا في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى). (١)(وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا). أي تدعو لهم بالإنجاء. (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) لا محالة ، لظلمهم بالإشراك والمعاصي ، ومن هذا شأنه لا يشفع له ولا يشفع فيه. كيف وقد أمره بالحمد على النجاة منهم بهلاكهم بقوله : (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ) ـ الآية. وهو كقوله : (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٢). (٣)
[٢٩] (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩))
(أَنْزِلْنِي) في السفينة ، أو في الأرض (مُنْزَلاً مُبارَكاً) : يتسبّب لمزيد الخير في الدارين. وإنّما أفرده بالأمر والمعلّق به أن يستوي هو ومن معه ، إظهارا لفضله وإشعارا بأنّ في دعائه مندوحة عن دعائهم فإنّه يحيط بهم. (٤)
أبو بكر عن عاصم : (مُنْزَلاً) بفتح الميم وكسر الزاء ، والباقون بضمّ الميم وفتح الزاء. (٥)
[٣٠] (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (٣٠))
(إِنَّ فِي ذلِكَ) ؛ أي : فيما فعل بنوح وقومه (لَآياتٍ) يستدلّ بها ويعتبر أولو الاعتبار. (وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) : لمصيبين قوم نوح ببلاء عظيم. أو : ممتحنين عبادنا بهذه الآيات. وإن هي المخفّفة. واللّام هي الفارقة. (٦)
[٣١] (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١))
(قَرْناً آخَرِينَ). قيل : هم عاد قوم هود. لأنّه المبعوث بعد نوح. وقيل : يعني ثمود.
__________________
(١) الأنبياء (٢١) / ١٠١.
(٢) الأنعام (٦) / ٤٥.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٠٣.
(٥) مجمع البيان ٧ / ١٦٦.
(٦) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٠٣.