الجزاء بالجزاء لازدواج الكلام. (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ) ؛ أي : ظلم بإخراجه من منزله. يعني ما فعله المشركون من البغي على المسلمين حتّى أخرجوهم إلى مفارقة ديارهم. (لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ). يعني المظلوم الذي بغي عليه. روي أنّ الآية نزلت في قوم من مشركي مكّة لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرّم فقالوا : إنّ أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله لا يقاتلون في هذا الشهر الحرام ، فحملوا عليهم. فناشدهم المسلمون أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام ، فأبوا. فأظفر [الله] بهم المسلمين. (١)
(ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ) ـ الآية. هو رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا أخرجته قريش وهرب منهم إلى الغار وطلبوه ليقتلوه ، فعاقبهم الله يوم بدر وقتل من أعيانهم سبعين وأسر مثلهم. فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله طلب بدمائهم واجترؤوا على آل الرسول عليهمالسلام واستشهد الحسين عليهالسلام ثمّ بغي عليه. (لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ). يعني بالقائم من ولده عليهمالسلام. (٢)
(لَعَفُوٌّ غَفُورٌ). أي للمنتصر حيث اتّبع هواه في الانتقام وأعرض عمّا ندب الله إليه بقوله : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). (٣) وفيه تعريض للحثّ على العفو والمغفرة. فإنّه تعالى مع كمال قدرته لمّا كان يعفو ويغفر ، فغيره بذلك أولى. (٤)
[٦١] (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١))
(ذلِكَ) ؛ أي : ذلك النصر. (بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ) ؛ أي : يدخل ما ينتقص من ساعات اللّيل في النهار وما انتقص من ساعات النهار في اللّيل. (سَمِيعٌ) لدعاء المؤمنين. (٥)
(يُولِجُ اللَّيْلَ). أي بتحصيل ظلمة اللّيل في مكان ضوء النهار بتغييب الشمس وعكس ذلك بإطلاعها. (٦)
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٨٦ ـ ٨٧.
(٣) الشورى (٤٢) / ٤٣.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٩٤.
(٥) مجمع البيان ٧ / ١٤٩.
(٦) تفسير البيضاويّ ٢ / ٩٤ ـ ٩٥.