(لَنْ يَنالَ اللهَ) ؛ أي : لن يصيب رضاه ولن يقع موقع القبول منه (لُحُومُها) المتصدّق بها (وَلا دِماؤُها) المهراقة بالنحر من حيث إنّها لحوم ودماء ، ولكن يصيبه ما يصحبه من تقوى قلوبكم التي تدعوكم إلى تعظيم أمر الله والتقرّب إليه والإخلاص له. قيل : كان أهل الجاهليّة إذا ذبحوا القرابين ، لطخوا الكعبة بدمائها قربة إلى الله. فهمّ به المسلمون ، فنزلت. (كَذلِكَ سَخَّرَها). كرّره تذكيرا للنعمة وتعليلا بقوله : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ) : لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره فتوحّدوه بالكبرياء. وقيل : هو التكبير عند الإهلال أو الذبح. (عَلى ما هَداكُمْ) : أرشدكم إلى تسخيرها وكيفيّة التقرّب بها. وعلى متعلّقة بتكبّروا لتضمّنه معنى الشكر. (الْمُحْسِنِينَ) ؛ أي : المخلصين فيما يأتونه ويذرونه. (١)
[٣٨] (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨))
(إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) غائلة المشركين. وقرأالكوفيّون : (يُدافِعُ) ؛ أي : يبالغ في الدفع مبالغة من يغالب فيه. (كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ). وهم الذين خانوا الله بأن جعلوا معه شريكا وكفروا نعمه. و [قيل :] من تقرّب إلى الأصنام بذبيحته ، فهو خوّان كفور. (٢)
عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) قال : نحن الذين يدافع الله عنّا ما أذاعت شيعتنا. يعني أنّ بعض شيعتهم يذيع عنهم بعض أسرارهم إلى أعدائهم ، يقصد بذلك أذاهم أو لا يقصد ، فإنّ الله يدافع عنهم. (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ) لمودّتهم (كَفُورٍ) بولايتهم. (٣)
[٣٩] (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩))
ثمّ بيّن سبحانه إذنه لهم في قتال الكفّار بعد تقدّم بشارتهم بالنصرة فقال : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) ؛ أي : بسبب أنّهم ظلموا. وكان المشركون يؤذون المسلمين ولا يزال
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٩٠.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٩٠ ، ومجمع البيان ٧ / ١٣٨.
(٣) تأويل الآيات ١ / ٣٣٧ ، ح ١٢.