لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنّة وهم مائة وعشرون صفّا ثمانون منها من أمّتي. (اتَّقُوا رَبَّكُمْ) ؛ أي : عذابه. (زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ) ؛ أي : زلزلة الأرض يوم القيامة. لأنّها تقارن قيام الساعة وتكون معها. وقيل : إنّ هذه الزلزلة تكون قبل قيام الساعة لكنّها من أشراطها. (شَيْءٌ عَظِيمٌ) ؛ أي : أمر هائل. وقيل : معناه : أنّ شدّة يوم القيامة أمر صعب. (١)
(شَيْءٌ عَظِيمٌ). قالت المعتزلة : في الآية دلالة على أنّ المعدوم شيء لأنّ الله سمّى زلزلة الساعة شيئا مع أنّها معدومة. وأجابت الأشاعرة بأنّ المراد هو أنّها إذا وجدت كانت شيئا عظيما. (٢)
[٢] (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (٢))
(تَرَوْنَها) ؛ أي : الزلزلة أو الساعة. (تَذْهَلُ) ؛ أي : تشغل كلّ مرضعة عن ولدها وتنساه. (كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها). فيه دلالة على أنّ الزلزلة تكون في الدنيا. فإنّ الرضاع ووضع الحمل إنّما يتصوّر فيها. ومن قال : المراد به يوم القيامة ، قال : إنّه تهويل لأمر القيامة وتعظيم لما يكون فيها من الشدائد. أي : لو كان ثمّ مرضعة لذهلت ، أو حامل لوضعت ، وإن لم يكن هناك مرضعة ولا حامل. (سُكارى) من شدّة الخوف. (وَما هُمْ بِسُكارى) من الشراب. يعني أنّهم يضطربون اضطراب السكران. وقد بيّنه بقوله : (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ). (٣)
(حَمْلَها). قال : [كلّ] امرأة تموت حاملا تضع حملها يوم القيامة. (٤)
(سُكارى). أهل الكوفة غير عاصم : (سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى). وهو جمع كصرعى وجرحى. (٥)
فإن قيل : لم قيل : (مُرْضِعَةٍ) دون مرضع؟ قلت : المرضعة هي التي في حال الإرضاع
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ١١٢ ـ ١١٣.
(٢) تفسير النيسابوريّ ١٧ / ٦٧.
(٣) مجمع البيان ٧ / ١١٣.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٧٨.
(٥) مجمع البيان ٧ / ١١٠.