كانا يتناظران. (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ). (١) أقول : يتناظران انتظارا للوحي.
وفي الفقيه عن أبي الحسن عليهالسلام في قوله : يحكمان في الحرث ، قال : كان حكم داوود رقاب الغنم. والذي فهّم الله سليمان أن يحكم لصاحب الحرث باللّبن والصوف ذلك العام. (٢) أقول : هذا الخبر يمكن حمله على التقيّة.
وفي التهذيب عن أبي عبد الله عليهالسلام : انّ ما حكم به داوود في رقاب الغنم ، كان حكم الأنبياء قبله. وأوحى الله إلى سليمان : أيّ غنم نفشت في الزرع ، فليس لصاحب الزرع إلّا ما خرج من بطونها. وكذلك جرت السنّة بعد سليمان. وهو قول الله : (وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً). فحكم كلّ واحد منهما بحكم الله عزوجل. (٣)
(فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) ؛ أي : علّمناه الحكومة في ذلك ، فقضى بذلك وهو ابن إحدى عشرة سنة. وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قضى بحفظ المواشي على أربابها ليلا وقضى بحفظ الحرث على أربابه نهارا. (٤)(وَكُلًّا آتَيْنا) ؛ أي : كلّ واحد من داوود وسليمان أعطيناه حكمة ونبوّة. (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ). قيل : معناه : سيّرنا مع داوود الجبال حيث سار ، فعبّر عن ذلك بالتسبيح لما فيه من الآية العظيمة التي تدعو إلى تسبيح الله وتنزيهه. وكذلك تسخير الطير له تسبيح يدلّ على أنّ مسخّرها قادر على ما لا يقدر عليه العباد. وقيل : إنّ الجبال كانت تجاوبه بالتسبيح وكذلك الطير تسبّح معه بالغداة والعشيّ معجزة له. (وَكُنَّا فاعِلِينَ) ؛ أي : قادرين على هذه الأشياء. (٥)
[٨٠] (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠))
(لَبُوسٍ لَكُمْ). اللّبوس اسم السلاح كلّه عند العرب درعا كان أو جوشنا أو سيفا أو رمحا. وقيل : هو الدرع. أي : علّمناه كيف يصنع الدرع. قال قتادة : أوّل من صنع الدرع
__________________
(١) المحاسن ١ / ٢٧٧.
(٢) الفقيه ٣ / ٥٧ ، ح ٢.
(٣) التهذيب ٧ / ٢٢٥.
(٤) الكافي ٥ / ٣٠١ عن الصادق عليهالسلام.
(٥) مجمع البيان ٧ / ٩٢.