فيعلّقوا في أعناقهم الصليب ويدخلونهم. فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم ، طلبوا الأمان والصلح ، فلم يقبلوا حتّى يدفعوا إليهم بني أميّة. فذلك قوله : (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ). (١)
[١٣] (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (١٣))
(لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ). قال : يسألهم عن كنوزهم وأموالهم وهو أعلم بها. (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ) حتّى يقتلهم بالسيف. (٢)
(لا تَرْكُضُوا) ؛ أي : يقال لهم تقريعا وتوبيخا : لا تهربوا (وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ) من التنعّم والتلذّذ ـ والإتراف : إبطار النعمة ـ (وَ) ارجعوا إلى (مَساكِنِكُمْ) التي كفرتم وظلمتم فيها. وقيل : إنّهم لمّا أخذتهم السيوف ، انهزموا مسرعين. فقالت لهم الملائكة بحيث يسمعون النداء : لا تركضوا وارجعوا إلى ما خوّلتم ونعّمتم فيه وارجعوا إلى مساكنكم. (لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) شيئا من دنياكم. فإنّكم أهل ثروة ونعمة. وقيل : لعلّ رسولكم يسألكم أن تؤمنوا كما سألكم قبل نزول العذاب بكم. وهذا استهزاء بهم أيضا. [أي :] لا سبيل إلى هذا ، فدبّروا الأمر قبل حلوله. وقيل : لكي تسألوا عن أعمالكم وعن تنعّمكم في الدنيا بغير الحقّ وعمّا استحققتم به من العقاب. (٣)
(لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ). تهكّم بهم وتوبيخ لهم. أي : ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلّكم تسألون غدا عمّا جرى عليكم ونزل بأموالكم فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة. أو : ارجعوا واجلسوا في مجالسكم حتّى يسألكم عبيدكم ويقولوا لكم : بماذا تأمرون ، كعادة المنعّمين المخدمين. (٤)
[١٤] (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (١٤))
__________________
(١) تأويل الآيات ١ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧ ، ح ٨.
(٢) تأويل الآيات ١ / ٣٢٧ ، عن أبي جعفر عليهالسلام.
(٣) مجمع البيان ٧ / ٦٦ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٦٦.
(٤) الكشّاف ٣ / ١٠٦.