العجل. (١)
لمّا ذهب موسى إلى الميقات ليأتيهم بألواح التوراة ووعدهم الرجعة بعد ثلاثين يوما ، فعند ما انتهت جاءهم إبليس في صورة شيخ وقال لهم : إنّ موسى قد هرب فاجمعوا إليّ حليّكم حتّى أتّخذ لكم إلها تعبدونه. وكان السامريّ يوم غرق الله فرعون ، أخذ ترابا من تحت حافر فرس جبرئيل. فلمّا اتّخذ لهم إبليس العجل قال : هات التراب الذي معك. فألقاه في جوف العجل فتحرّك وخار ونبت له الشعر. (٢)
(مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ). فإن قلت : لم لم يقل جبرئيل أو روح القدس؟ قلت : حين حلّ بميعاد الذهاب إلى الطور ، أرسل الله إلى موسى جبرئيل راكب حيزوم فرس الحياة ليذهب به فأبصره السامريّ فقال : إنّ لهذا شأنا. فقبض من تربة موطئة. فلمّا سأله موسى عن قصّته قال : فقبضت من أثر فرس المرسل إليك يوم حلول الميعاد. ولعلّه لم يعرف أنّه جبرئيل عليهالسلام. (٣)
[٩٧] (قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (٩٧))
(لا مِساسَ). فأمر موسى بني إسرائيل أن لا يخالطوه ولا يقربوه. فصار السامريّ وحشيّا يألف ولا يؤلف ولا يمسّ أحدا منهم. فمن مسّه ، قرض ذلك الموضع بالمقراض. فكان كذلك حتّى هلك. (٤)
(لا مِساسَ). يعني أنّ موسى أمر الناس بأمر الله أن لا يخالطوه ولا يؤاكلوه تضييقا عليه. والمعنى : لك أن تقول لا أمسّ ولا أمسّ ما دمت حيّا. [قال ابن عبّاس :] لك ولولدك. والمساس فعال من المماسّة. أي : لا يمسّ بعضنا بعضا. فصار السامريّ يهيم في البريّة مع
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ٤٤ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٥٦.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٦١ ـ ٦٢.
(٣) الكشّاف ٣ / ٨٤.
(٤) بحار الأنوار ١٣ / ٢٤٦.