السباع لا يمسّ أحدا ولا يمسّه أحد. عاقبه الله بذلك. وكان إذا لقي أحدا يقول : لا مساس ؛ أي : لا تقربني ولا تمسّني ، عقوبة له ولولده حتّى أنّ بقاياهم اليوم يقولون ذلك. وإن مسّ واحد من غيرهم واحدا منهم ، حمّ كلاهما. (لَنْ تُخْلَفَهُ). أهل البصرة بكسر اللّام. أي : ستأتيه ولا تخلّف لك عنه. (لَنُحَرِّقَنَّهُ). أبو جعفر بفتح النون وسكون الحاء وتخفيف الراء. وهو قراءة عليّ عليهالسلام وابن عبّاس. (١)
(لَنْ تُخْلَفَهُ). من قرأبكسر اللّام فهو من أخلفت الموعد ، إذا وجدته خلفة. (٢)
(لَنْ تُخْلَفَهُ) ؛ أي : لن يخلفه الله وينجزه لك في الآخرة بعد ما عاقبك في الدنيا. وعلى قراءة أهل البصرة المعنى : لن تخلف الواعد إيّاه وستأتيه لا محالة. فحذف المفعول الأوّل لأنّ المقصود هو الموعد. (ظَلْتَ) ؛ أي : ظللت على عبادته مقيما فحذف اللّام الأولى تخفيفا. (٣)
(لَنُحَرِّقَنَّهُ). أي بالنار. (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ) ؛ أي : نذرينّه في البحر. قال ابن عبّاس : فحرقه ثمّ ذراه في البحر. وهذا يدلّ على أنّه كان حيوانا. وعلى القراءة الأخرى : (لَنُحَرِّقَنَّهُ) ؛ أي : لنبردنّه بالمبرد ، يدلّ على أنّه كان ذهبا وفضّة ولم يصر حيوانا. ونبّه بذلك على أنّ ما يمكن سحقه أو إحراقه لا يصلح للعبادة. وقال الصادق عليهالسلام : إنّ موسى همّ بقتل السامريّ فأوحى الله إليه : لا تقتله يا موسى. فإنّه سخيّ. (٤)
قال الصادق عليهالسلام : ما بعث الله نبيّا أو رسولا قطّ إلّا كان في زمانه شيطانان يؤذيانه. (٥)
قيل : وإنّ ممّن عبد العجل أنكر عند موسى أنّه سجد له. فأمر موسى أن يبرد العجل بالمبارد وألقى برادته في الماء ، ثمّ أمر بني إسرائيل أن يشرب كلّ منهم من ذلك الماء. فالذين كانوا سجدوا له ، ظهر له في البرادة شيء. فعند ذلك استبان من خالف ممّن ثبت على إيمانه. (٦)
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ٤٧ و ٤٥.
(٢) الكشّاف ٣ / ٨٥.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٥٧.
(٤) مجمع البيان ٧ / ٤٧.
(٥) تفسير القمّيّ ٢ / ٦٣ ـ ٦٤.
(٦) تفسير القمّيّ ٢ / ٦٣.