(قالَ يَا بْنَ أُمَّ). خصّ الأمّ استعطافا وترقيقا. وقيل : لأنّه كان أخاه من الأمّ. والجمهور على أنّهما كانا من أب وأمّ. (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) ؛ أي : بشعر رأسي. قبض عليهما يجرّه إليه من شدّة غيظه وفرط غضبه لله. وكان عليهالسلام خشنا متصلّبا في كلّ شيء فلم يتمالك حين رآهم يعبدون العجل. (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ) ؛ يعني : لو فارقتهم أو قاتلتهم ، لصاروا فرقا ، فريق يلحق بك ، وفريق مع السامريّ ، وفريق يتوقّفون شاكّين ، مع أنّي لم آمن إن تركتهم أن يصيروا بالخلاف إلى تسافك الدماء والثبات على اتّباع السامريّ ، فإنّهم كانوا يمتنعون بعض الامتناع بإنكاري عليهم. (وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) ؛ أي : لم تحفظ وصيّتي حين قلت : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ). (١)
[٩٥] (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥))
ولمّا ظهرت براءة ساحة هارون ، أقبل على السامريّ فقال : (فَما خَطْبُكَ) ؛ أي : ما شأنك وما دعاك إلى ما صنعت؟ فكأنّه قال : ما هذا الخطب الجليل الذي أحدثت وما حملك عليه؟ (٢)
[٩٦] (قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦))
(بِما لَمْ يَبْصُرُوا). حمزة والكسائيّ بالتاء على الخطاب. (٣)
بصرت بما لم تبصروا أي : رأيت ما لم تروه. أو : علمت ما لم تعلموه. وهو أنّ الرسول الذي جاءك روحانيّ لا يمسّ أثره شيئا إلّا أحياه. (قَبْضَةً). أي : قبضت قبضة تراب من أثر قدم جبرئيل فنبذتها في الحليّ المذاب أو في جوف العجل حتّى حيي. (وَكَذلِكَ) ؛ أي : كما حدّثتك يا موسى. (سَوَّلَتْ) : زيّنت (لِي نَفْسِي) من أخذ القبضة وإلقائها في صورة
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٥٦ ، ومجمع البيان ٧ / ٤٤.
(٢) مجمع البيان ٧ / ٤٤.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٥٦.