يعادي المنافق. (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) ؛ أي : دعاهم إلى الضلال فقبلوا منه وضلّوا عند دعائه. فأضاف الضلال إلى السامريّ والفتنة إلى نفسه ، ليدلّ سبحانه على أنّ الفتنة غير الإضلال. والسامريّ منسوب إلى قبيلة من بني إسرائيل يقال لها السامرة. وقيل : كان علجا من كرمان. وقيل : من أهل موصل. واسمه موسى بن ظفر. وكان منافقا. (١)
(فَتَنَّا). الفتنة هنا بمعنى الامتحان بتشديد التكليف. وذلك أنّ السامريّ لمّا أخرج لهم ذلك العجل ، صاروا مكلّفين بأن يستدلّوا بحدوث جملة الأجسام على أنّ العجل لا يصلح للإلهيّة. (٢)
[المراد بقوله :](فَتَنَّا قَوْمَكَ) هو خلق العجل للامتحان. أي : امتحنّاهم بخلق العجل. وحملهم السامريّ على الضلال وأوقعهم فيه حيث قال لهم : (هذا إِلهُكُمْ). (٣)
[٨٦] (فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦))
(فَرَجَعَ مُوسى) ؛ أي : رجع من الميقات إلى بني إسرائيل بعد ما أخذ التوراة واستوفى الأربعين (غَضْبانَ) عليهم (أَسِفاً) : حزينا على ما فعلوا. (أَلَمْ يَعِدْكُمْ). أي بأن يعطيكم التوراة فيها هدى ونور. (أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ) ؛ أي : مدّة مفارقتي إيّاكم. (غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ) بعبادة العجل. (فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) : وعدكم إيّاي بالثبات على الإيمان بالله والقيام على ما أمرتكم به. وقيل : إخلافهم موعده أنّه أمرهم أن يتمسّكوا بطريقة هارون وطاعته إلى أن يرجع. (٤)
(أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ). لأنّ مريد السبب ـ أعني خلف الموعد ـ مريد للمسبّب
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٥٤ ـ ٥٥ ، ومجمع البيان ٧ / ٣٩.
(٢) تفسير النيسابوريّ ١٦ / ١٢٦.
(٣) الكشّاف ٣ / ٨٣.
(٤) مجمع البيان ٧ / ٣٩ ـ ٤٠ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٥٥.