في النيل. وكان يشرع منه إلى بستان فرعون نهر ، فرفعه الماء إليه. فأمر ففتح التابوت ، فإذا هو صبيّ. فأحبّه فرعون. (مَحَبَّةً مِنِّي) ؛ أي : جعلتك بحيث يحبّك من يراك ، حتّى أحبّك فرعون فسلمت من شرّه وأحبّتك آسية امرأته فتبنّتك وربّتك في حجرها. وقال قتادة : ملاحة كانت في عين موسى. فما رآه أحد إلّا عشقه. (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) ؛ أي : ولتربّى ويحسن إليك وأنا راعيك وراقبك وأنت بمرأى منّي. وذلك أنّ من صنع لإنسان شيئا وهو ينظر إليه ، صنعه كما يحبّ. وقيل : لتربّى ويطلب لك الرضاع على علم منّي ومعرفة لتصل إلى أمّك. والعطف على علّة مضمرة ـ مثل : لتعطف عليك ـ أو على الجملة السابقة بإضمار فعل معلّل مثل فعلت. وأمّا على قراءة الجزم ، فهو على الأمر والمأمور غائب غير مخاطب ، مثل لتعن بحاجتي. (١)
(لِتُصْنَعَ). أبو جعفر بالجزم. والباقون بكسر اللّام والنصب. (٢)
[٤٠] (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠))
(إِذْ تَمْشِي). ظرف لألقيت. أو : لتصنع على عيني وقت مشي أختك. وقولها : (هَلْ أَدُلُّكُمْ) لأنّ هذا كان من أسباب تربية موسى. لأنّ أمّها أمرتها أن تتّبع التابوت على أثر الماء. فلمّا ألقاه الماء في بركة في بستان فرعون وهو مع امرأته آسية جالسان وفتحوا التابوت فرأوا موسى ، بكى لطلب اللّبن. فأمر فرعون بإحضار النساء اللّواتي كنّ حول داره ، فلم يرضع منهنّ. وكانت أخت موسى واقفة هناك فقالت : إنّي [آتي] لكم بامرأة ترضعه. (يَكْفُلُهُ) ؛ أي : يربّيه ويرضعه. (وَلا تَحْزَنَ) بفراقك وأنت على فراقها وفقد إشفاقها. (وَقَتَلْتَ نَفْساً). هو القبطيّ الكافر الذي استغاثه عليه الإسرائيليّ. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قتله
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ١٨ و ١٧ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٤٧.
(٢) مجمع البيان ٧ / ١٧.