طلبه من أهله لأنّه أولى ببذل النصح له. ثمّ بيّن الوزير فقال : (هارُونَ أَخِي) وكان بمصر. (١)
[٣١] (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١))
(اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) ؛ أي : قوّ به ظهري وأعنّي به. (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) : اجمع بيني وبينه في النبوّة ، ليكون أحرص على موازرتي. وسمّي الوزير وزيرا لأنّه يعين الأمير على ما هو بصدده من الأمور ، من الموازرة بمعنى المعاونة ، أو لأنّه يتحمّل الوزر ـ أي : الثقل ـ عن الأمير ، مأخوذ من الوزر. وهارون كان أكبر من موسى بثلاث سنين وأتمّ طولا وأبيض جسما وأفصح لسانا. ومات قبل موسى بثلاث سنين. (٢)
ابن عامر : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) بقطع الهمزة وفتحها. (وَأَشْرِكْهُ) بضمّها. والباقون : (اشْدُدْ) بهمزة الوصل. (وَأَشْرِكْهُ) بالفتح. الوجه في قراءة ابن عامر أنّه جعله خبرا وسائر القرّاء جعلوه دعاء. وضمّ الهمزة في (أَشْرِكْهُ) ضعيف جدّا. لأنّه ليس إلى موسى إشراك هارون في النبوّة. بل ذلك إلى الله. فالوجه فتح الهمزة على الدعاء. (٣)
وقوله : (أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) فعنه صلىاللهعليهوآله قال : يا عليّ ، إنّ الله أشهدك معي في مواطن منها ليلة أسرى بي إلى السماء فقال لي جبرئيل : أين أخوك؟ قلت : ودّعته خلفي. فقال : فادع الله فليأتك به. فدعوت الله ، فإذا أنت معي والملائكة صفوف وقوف. (٤)
[٣٣ ـ ٣٥] (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (٣٥))
(كَيْ نُسَبِّحَكَ) ؛ أي : ننزّهك عمّا لا يليق. فإنّ التعاون يهيّج الرغبات ويؤدّي إلى كثرة الخير وتزايده. (بَصِيراً) ؛ أي : عالما بأحوالنا وأنّ التعاون ممّا يصلحنا وأنّ هارون نعم المعين لي. (٥)
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ١٥.
(٢) مجمع البيان ٧ / ١٦.
(٣) مجمع البيان ٧ / ١٢.
(٤) تأويل الآيات ١ / ٣١١ ـ ٣١٢ ، ح ٤
(٥) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦.