إلى الحقّ. (١)
وهاهنا دقيقة وهي : انّ قول موسى : (رَبِّ اشْرَحْ لِي) دون أن يقول : اشرح صدري ، ليعلم أنّه أراد أن يعود منفعة الشرح إليه. فلا جرم يقول يوم القيامة : نفسي نفسي. وإنّ نبيّنا لمّا تمّ أمره في مقام القرب ، إذ قيل له : سلام عليك أيّها النبيّ ، قال : سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فلا جرم يقول يوم القيامة : أمّتي أمّتي. وشتّان بين نبي يتضرّع إلى الله بقوله : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) وبين نبيّ يخاطب بألم نشرح لك صدرك. (٢)
[٢٧ ـ ٢٨] (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨))
(وَاحْلُلْ) ؛ أي : أطلق عن لساني العقدة التي فيه. وكان في لسانه رتّة شبه التمتمة. وذلك أنّ فرعون حمله يوما ، فنتف لحيته ، فأراد قتله ، فقالت آسية : إنّه صبيّ لا يفرق بين الجمرة والياقوت. فأحضرا بين يديه. فأخذ الجمرة فوضعها في فيه فاحترق لسانه. وقيل : إنّه انحلّ أكثر ما [كان] بلسانه إلّا بقيّة منه. وقيل : حلّها كلّها. وهو الصحيح ؛ لقوله : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ). (٣)
عن أسماء بنت عميس قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله بإزاء ثبير وهو يقول : اللهمّ إنّي أسألك ما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري ، وأن تيسّر أمري ، وأن تحلّل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، وأن تجعل لي وزيرا من أهلي عليّا أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. قال ابن عبّاس : إنّه لمّا دعا به ، سمعت مناديا ينادي : قد أعطيت ما سألت. (٤)
[٢٩ ـ ٣٠] (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠))
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً) يوازرني على المضيّ إلى فرعون ، أو يوازرني برأيه ومشاورته. و
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ١٥.
(٢) تفسير النيسابوريّ ١٦ / ٩٩.
(٣) مجمع البيان ٧ / ١٥ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦.
(٤) تأويل الآيات ١ / ٣١٠ ، ح ٢.