إلى الحقّ.
وهاهنا دقيقة
وهي : انّ قول موسى : (رَبِّ اشْرَحْ لِي) دون أن يقول : اشرح صدري ، ليعلم أنّه أراد أن يعود
منفعة الشرح إليه. فلا جرم يقول يوم القيامة : نفسي نفسي. وإنّ نبيّنا لمّا تمّ
أمره في مقام القرب ، إذ قيل له : سلام عليك أيّها النبيّ ، قال : سلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين. فلا جرم يقول يوم القيامة : أمّتي أمّتي. وشتّان بين نبي
يتضرّع إلى الله بقوله : (رَبِّ اشْرَحْ لِي
صَدْرِي) وبين نبيّ يخاطب بألم نشرح لك صدرك.
[٢٧ ـ ٢٨] (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧)
يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨))
(وَاحْلُلْ) ؛ أي : أطلق عن لساني العقدة التي فيه. وكان في لسانه
رتّة شبه التمتمة. وذلك أنّ فرعون حمله يوما ، فنتف لحيته ، فأراد قتله ، فقالت
آسية : إنّه صبيّ لا يفرق بين الجمرة والياقوت. فأحضرا بين يديه. فأخذ الجمرة
فوضعها في فيه فاحترق لسانه. وقيل : إنّه انحلّ أكثر ما [كان] بلسانه إلّا بقيّة
منه. وقيل : حلّها كلّها. وهو الصحيح ؛ لقوله : (قَدْ أُوتِيتَ
سُؤْلَكَ).
عن أسماء بنت
عميس قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله بإزاء ثبير وهو يقول : اللهمّ إنّي أسألك ما سألك أخي
موسى أن تشرح لي صدري ، وأن تيسّر أمري ، وأن تحلّل عقدة من لساني يفقهوا قولي ،
وأن تجعل لي وزيرا من أهلي عليّا أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. قال ابن
عبّاس : إنّه لمّا دعا به ، سمعت مناديا ينادي : قد أعطيت ما سألت.
[٢٩ ـ ٣٠] (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي
(٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠))
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً) يوازرني على المضيّ إلى فرعون ، أو يوازرني برأيه
ومشاورته. و
__________________