(جَنَّاتِ عَدْنٍ) ؛ أي : إقامة. وإنّما جمع الجنّات هنا ووحّد هناك لأنّ لكلّ واحد من المؤمنين جنّة تجمعها الجنّة العظمى. وقوله : (بِالْغَيْبِ) لأنّ المؤمنين أو الأعمّ غابوا عمّا في الجنّة ممّا لا عين رأت. أي إنّه وعدهم أمرا لم يكونوا يشاهدونه فصدّقوه وهو غائب عنهم. (وَعْدُهُ) ؛ أي : موعوده. (مَأْتِيًّا) ؛ أي : آتيا لا محالة. فالمفعول بمعنى الفاعل. وإنّ الموعود هو الجنّة وهي مأتيّة يأتيها المؤمنون. (١)
[٦٢] (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢))
(لَغْواً). وهو الهذر من الكلام والأباطيل. (سَلاماً) ؛ أي : سلام الملائكة عليهم وسلام بعضهم على بعض. (٢) وسلاما استثناء منقطع. أي : لا يسمعون كلاما يؤلمهم لكن يسمعون سلاما. (بُكْرَةً وَعَشِيًّا). قال المفسّرون : ليس في الجنّة شمس ولا قمر حتّى يكون لهم بكرة وعشيّا. بل المراد أنّهم يؤتون رزقهم على ما يعرفونه من مقدار الغداء والعشاء. وليس ثمّ ليل ونهار وإنّما هو ضوء. وقيل : إنّهم يعرفون مقدار اللّيل بإرخاء الستر والحجب وإغلاق الأبواب ومقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب. (٣)
[٦٣] (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣))
(تِلْكَ الْجَنَّةُ) المذكورة سابقا ، نورثها من كان يتّقي المعاصي في الدنيا. ومعنى نورث أنّه تعالى [أورثهم] من الجنّة المنازل والمساكن التي كانت لأهل النار لو أطاعوا الله. قيل : انّ العاص بن وائل لم يعط أجرة أجير استعمله وقال : لو كان ما يقول محمّد حقّا ، فنحن أولى بالجنّة ونعيمها فحينئذ أوفّره أجره. فنزلت الآية. (نُورِثُ). يعقوب بالتشديد. (٤)
[٦٤] (وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٨٠٤.
(٢) في النسخة هاهنا زيادة : (أو يكون من باب : ولا عيب فيهم». ولم نجد لها وجها صحيحا. انظر : تفسير البيضاويّ ٢ / ٣٥.
(٣) مجمع البيان ٦ / ٨٠٥ و ٨٠٤.
(٤) مجمع البيان ٦ / ٨٠٥ و ٨٠٤ و ٨٠٣.