لم تلد أنثى قبلك من غير رجل. (١)
[٢٨] (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨))
(يا أُخْتَ هارُونَ). فيه أقوال. أحدها : انّ هارون هذا كان رجلا صالحا في بني إسرائيل ينسب إليه كلّ من عرف بالصلاح. عن ابن عبّاس وجماعة. وقيل : إنّه لمّا مات شيّع جنازته أربعون ألفا كلّهم يسمّى هارون. فمعناه : يا شبيهة هارون في الصلاح. وثانيها : انّ هارون كان أخاها لأبيها وكان صالحا. وثالثها : انّه أخو موسى. لأنّها من ولده. كما يقال : يا أخا تميم. ورابعها : انّه كان رجلا فاسقا مشهورا. أي : يا شبيهته في قبح الفعل. (ما كانَ أَبُوكِ) ؛ أي : كان أبواك صالحين. فمن أين هذا الولد؟ (٢)
[٢٩] (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩))
(فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) : فأومأت بأن كلّموا الصبيّ ليشهد على براءة ساحتي. فتعجّبوا كيف نكلّم الرضيع. وقيل : إنّهم غضبوا عند إشارتها وقالوا : لسخريّتها بنا أشدّ من زناها. (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا). كان هنا بمعنى الحدوث والوقوع. أي : كيف نكلّم من وجد في المهد. وصبيّا نصب على الحال من كان. ويجوز أن يكون كان هنا مزيدة والحال عامله نكلّم. وقال الزجّاج : الأجود أن يكون في معنى الشرط والجزاء. فالمعنى : من يكن في المهد صبيّا فكيف نكلّمه. وصبيّا حال. كما تقول : من كان لا يسمع ولا يعقل فكيف أخاطبه؟ (٣)
[٣٠] (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠))
(إِنِّي عَبْدُ اللهِ). [قدّم إقراره] بالعبوديّة ليبطل قول من يدّعي الربوبيّة. فأنطقه الله بذلك لعلمه بما يتقّوله الغالون. (آتانِيَ الْكِتابَ) : حكم لي بإيتاء الإنجيل والنبوّة. وقيل : إنّ الله
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٧٩١.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٧٩١.
(٣) مجمع البيان ٦ / ٧٩١ و ٧٨٨ ـ ٧٨٩.