درجتين كما بين السماء والأرض. وأعلاها درجة الفردوس ؛ يتفجّر أنهار الجنّة منها. فإذا سألتم الله فاسألوا الفردوس. (١)
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ). نزلت في أبي ذرّ والمقداد وسلمان وعمّار. جعل الله لهم جنّات الفردوس مأوى ومنزلا. (٢)
[١٠٨] (خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨))
(لا يَبْغُونَ عَنْها) ؛ أي : لا يطلبون عن تلك الجنان تحوّلا إلى موضع آخر لطيبتها وحصول مرادهم فيها. (٣)
(حِوَلاً). الحول : التحوّل. يعني لا مزيد عليها حتّى تنازعهم أنفسهم إلى أجمع لأغراضهم وأمانيّهم. وهذه غاية الوصف. لأنّ الإنسان في الدنيا في أيّ نعيم كان فهو طامح الطرف إلى أرفع منه. (٤)
[١٠٩] (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩))
(لَوْ كانَ الْبَحْرُ). وهو اسم الجنس. أي : لو كان البحر بمائه مدادا ليكتب به ما يقدر الله عليه من الكلام والحكم. وقيل : أراد بالكلمات ما يقدر سبحانه على أن يخلقه من الأشياء ويأمر به. كما قال في عيسى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ). (٥) وقيل : أراد بالكلمات ما وعد لأهل الثواب وأوعد لأهل العقاب. (لَنَفِدَ الْبَحْرُ) ؛ أي : لفنى ماء البحر ، ولو جئنا بمثل البحر مددا وعونا له. وقيل : أراد بكلمات ربّي : معاني كلمات ربّي : لأنّه قد فرغ من كتابة الألفاظ. وعن ابن عبّاس : لمّا نزلت قوله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(٦) قالت اليهود : أوتينا علما
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٧٦٩.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٤٦.
(٣) مجمع البيان ٦ / ٧٦٩.
(٤) الكشّاف ٢ / ٧٥٠.
(٥) النساء (٤) / ١٧١.
(٦) الإسراء (١٧) / ٨٥.