يوما ؛ حتّى اغتمّ النبيّ وشكّ المؤمنون وفرحت قريش واستهزؤوا وحزن أبو طالب. فلمّا كان بعد أربعين يوما ، نزل عليه سورة الكهف فأنزل الله : (أَمْ حَسِبْتَ) ـ الآيات والقصّة. فقال الصادق عليهالسلام : إنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبّار عات ؛ وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام ، فمن لم يجبه قتله. وكان هؤلاء قوما [مؤمنين] يعبدون [الله عزوجل]. وكان للملك بباب المدينة وكلاء ولم يدع أحدا يخرج حتّى يسجد للأصنام. فخرج هؤلاء بعلّة الصيد. وذلك أنّهم مرّوا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم ، وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب فخرج معهم. وخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلّة الصيد هربا من دين ذلك الملك. فلمّا أمسوا دخلوا إلى ذلك الكهف فألقى الله عزوجل عليهم النعاس حتّى أهلك الله الملك وأهل مملكته وجاء زمن آخر وقوم آخرون. ثمّ انتبهوا فقال بعضهم لبعض : كم نمنا هاهنا؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا : نمنا يوما أو بعض يوم. (١)
عن المنهال بن عمر قال : والله أنا رأيت رأس الحسين عليهالسلام حين حمل وأنا بدمشق وبين يديه رجل يقرأالكهف حتّى بلغ قوله : (أَمْ حَسِبْتَ) ـ الآية ـ فأنطق الله الرأس بلسان ذرب طلق قال : أعجب من أصحاب الكهف حملي وقتلي. (٢)
عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ) ـ الآية ـ قال : هم قوم فرّوا وكتب ملك ذلك الزمان بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم في صحف من رصاص. فهو قوله : (أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ) ـ الآية. (٣)
(أَمْ حَسِبْتَ). معناه : بل أحسبت يا محمّد؟ (مِنْ آياتِنا عَجَباً) ؛ أي : إنّ خلق السموات والأرض أعجب من هذا. ويحتمل أنّه لمّا استبطأ الجواب حين سألوه عن القصّة قيل له : أم حسبت أنّ هذا شيء عجيب حرصا على إيمانهم حتّى قوي طمعك أنّك إذا أخبرتهم آمنوا؟
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٣١ ـ ٣٣.
(٢) الخرائج ٢ / ٥٧٧.
(٣) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٣٢١ ، ح ٥.