التمييز. وفيه معنى التعجّب. أي : ما أكبرها كلمة. (تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ). صفة الكلمة تفيد استعظاما لاجترائهم على النطق بها. فإنّ كثيرا ممّا يوسوسه الشيطان في قلوب الناس لا يتمالكون أن يتفوّهوا به ، فكيف بمثل هذا المنكر. والضمير في كبرت راجع إلى قولهم : (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً). (١)
[٦] (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦))
(باخِعٌ نَفْسَكَ) ؛ أي : قاتلها ومهلكها. شبّهه وإيّاهم ـ حين تولّوا عن الإيمان به وما تداخله من الأسف على تولّيهم ـ برجل فارقه أحبّته فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويهلك نفسه وجدا عليهم. (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا)(٢) : لأن لم يؤمنوا. (بِهذَا الْحَدِيثِ) ؛ أي : بالقرآن. (أَسَفاً). مفعول له. أي : لفرط الحزن. (٣)
(عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا) ؛ أي : بإدبارهم عنك. وقيل : (عَلى آثارِهِمْ) ؛ أي : بعد موتهم لشدّة شفقتك عليهم. (٤)
[٧] (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧))
(إِنَّا جَعَلْنا). بيّن سبحانه ابتداء خلقه بالنعم وأنّ إليه مصير الأمم. (ما عَلَى الْأَرْضِ) من الأنهار والأشجار وأنواع المخلوقات زينة للأرض ولأهلها لنختبرهم أيّهم الأعمل بطاعة الله والأطوع له. وقيل : أراد بالزينة الأنبياء والعلماء. (٥)
[٨] (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨))
(وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها) ؛ أي : إنّا مخربون الأرض بعد عمارتها وجاعلون ما عليها مستويا من الأرض يابسا لا نبات عليه. والصعيد : وجه الأرض. والجرز : الأرض التي
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٧٠٣.
(٢) وقرى : «أن» بالفتح. (تفسير البيضاويّ ٢ / ٤)
(٣) الكشّاف ٢ / ٧٠٣ ـ ٧٠٤.
(٤) مجمع البيان ٦ / ٦٩٤.
(٥) مجمع البيان ٦ / ٦٩٥.