الكافرين ورؤساءهم المتمرّدين (لَيُوحُونَ) ؛ أي : يأمرون من تابعهم من الكفّار (لِيُجادِلُوكُمْ) في استحلال الميتة بأن يقولوا : كيف تأكلون ما تقتلونه أنتم ولا تأكلون ما يقتل الله؟ وقتيل الله أولى بالأكل من قتيلكم. وقيل : إنّ قوما من مجوس فارس كتبوا إلى مشركي قريش ـ وكانوا أولياءهم في الجاهليّة ـ أنّ محمّدا وأصحابه يزعمون أنّهم يتّبعون أمر الله ثمّ يزعمون أنّ ما ذبحوه حلال وما قتله الله حرام ، فوقع ذلك في نفوسهم. فذلك إيحاؤهم إليهم. وقال ابن عبّاس : معناه : وإنّ الشياطين من الجنّ ـ وهم إبليس وجنوده ـ ليوحون إلى أوليائهم من الإنس. والوحي إلقاء المعنى إلى النفوس من وجه خفيّ. وهم يلقون الوسوسة إلى قلوب أهل الشرك. (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) في تحليل الميتة وغيره ، (إِنَّكُمْ) مشركون مثلهم. لأنّ من استحلّ الميتة ، فهو كافر بالإجماع ، ومن أكلها محرّما لها مختارا ، فهو فاسق. وهو قول جماعة من المفسّرين. وقيل : إنّه مختصّ بذبائح العرب التي كانت تذبحها للأوثان. (١)
[١٢٢] (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)
(أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً). أهل المدينة بالتشديد. والباقون بالتخفيف. قيل : إنّها نزلت في حمزة بن عبد المطّلب وأبي جهل بن هشام. وذلك أنّ أبا جهل آذى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبر بذلك حمزة ـ وهو على دين قومه ـ فغضب وجاء ومعه قوس ، فضرب بها رأس أبي جهل وآمن. ذكر سبحانه مثل الفريقين وهو قوله : (أَحْيَيْناها) ؛ أي : هديناه إلى الإيمان. شبّه الكفر بالموت والإيمان بالحياة. والمراد بالنور العلم والحكمة. [سمّى سبحانه ذلك نورا] والجهل ظلمة ، لأنّ العلم يهتدى به إلى الرشاد كما يهتدى بالنور في الطرقات. وقيل : المراد بالنور القرآن. (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ). يعني به الكافر الذي هو في ظلمة الكفر. وسمّى الكافر ميتا ،
__________________
(١) مجمع البيان ٤ / ٥٥٣ ـ ٥٥٤.