لعدم الانتفاع بحياته. وسمّى المؤمن حيّا للانتفاع به. (كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ). يعني أنّه زيّن لهؤلاء الكفر فعملوه مثل ما زيّن لأولئك الإيمان فعملوه ، فوجه الشبه هو التزيين. (١)
(مَثَلُهُ) ؛ أي : صفته. (٢)
(أَوَمَنْ كانَ). قال بعض العلماء : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً) إشارة إلى أوّل مراتب النفس الإنسانيّة وهي الاستعداد المحض المسمّاة بالعقل الهيولانيّ عند الحكيم. وقوله : (فَأَحْيَيْناهُ) إشارة إلى ثانية مراتبها المسمّاة بالعقل بالملكة ؛ وهي أن يحصل لها العلوم الكلّيّة الأوّليّة. وقوله : (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً) إشارة إلى ثالثة المراتب ؛ وهي التي قد حصلت لها المعقولات المكتسبة ولكنّها لا تكون حاضرة بالفعل بل تكون بحيث متى أراد استحضارها قدر عليها ويسمّى عقلا بالفعل أي الفعل القريب. وقوله : (يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) إشارة إلى المرتبة الرابعة المسمّاة بالعقل المستفاد ؛ وهو حضور المعارف بالفعل. (٣)
(نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ). عن أبي جعفر عليهالسلام : إماما يؤتمّ به. (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ). قال : الذي لا يعرف الإمام. (٤)
[١٢٣] (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (١٢٣))
(وَكَذلِكَ جَعَلْنا) ؛ أي : كما جعلنا في مكّة أكابر مجرميها ليمكروا فيها ، جعلنا في كلّ ـ الآية. (٥)
(أَكابِرَ مُجْرِمِيها) ـ الآية ـ أي : جعلنا ذا المكر من المجرمين كما جعلنا ذا النور من المؤمنين ؛ إلّا أنّ أولئك اهتدوا بحسن اختيارهم وهؤلاء ضلّوا بسوء اختيارهم. لأنّ في كلّ واحد منهما الجعل بمعنى الصيرورة ؛ إلّا أنّ الأوّل باللّطف والثاني بالتمكين من المكر. واللّام في
__________________
(١) مجمع البيان ٤ / ٥٥٤ ـ ٥٥٦.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٣١٩.
(٣) تفسير النيسابوريّ ٨ / ١٤.
(٤) الكافي ١ / ١٨٥ ، ح ١٣.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٣١٩.