داوود لا يحتاج إلى بيّنة ، يلهمه فيحكم بعلمه ، ويخبر كلّ قوم بما استبطنوه ويعرف عدّوه من وليّه بالتوسّم. قال الله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ). (١)
[٧٦] (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ)
(وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ). معناه : انّ مدينة لوط له طريق مسلوك يسلكها الناس في حوائجهم فينظرون إلى آثارها ويعتبرون بها. لأنّ الآثار التي يستدلّ بها مقيمة ثابتة. وهي مدينة سدوم. وقيل : إنّ قرى قوم لوط بين المدينة والشام. (٢)
(لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ). تنبيه لقريش. كقوله : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ)(٣). (٤)
[٧٧] (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ)
(لَآيَةً) ؛ أي : لعبرة ودلالة للمؤمنين. لأنّهم المنتفعون بها. (٥)
[٧٨] (وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ)
الأيكة : الشجر الملتفّ. جمعه أيك. (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ). هم أهل الشجر الذين أرسل إليهم شعيب. وأرسل إلى [أهل] مدين فأهلكوا بالصيحة. وأمّا أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلّة التي احترقوا بنارها. ومعنى الآية أنّه كان أصحاب الأيكة ظالمين في تكذيب رسولهم وكانوا أصحاب [غياض] فعاقبهم الله بالحرّ سبعة أيّام ، ثمّ أنشأ سحابة فاستظلّوا بها يلتمسون الروح فيها. فلمّا اجتمعوا تحتها ، أرسل منها صاعقة فأحرقتهم جميعا. (الْأَيْكَةِ). ورش عن نافع : (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) بترك الهمزة وبرّد حركتها إلى اللّام. (٦)
[٧٩] (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ)
__________________
(١) روضة الواعظين. ٢ / ٢٦٦.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٥٢٨.
(٣) الصافّات (٣٧) / ١٣٧.
(٤) الكشّاف ٢ / ٥٨٦.
(٥) مجمع البيان ٦ / ٥٢٨.
(٦) مجمع البيان ٦ / ٥٢٧ ـ ٥٢٨.