(يُقِيمُوا الصَّلاةَ) : يؤدّوها لمواقيتها. (سِرًّا وَعَلانِيَةً) في الفرائض والنوافل. ينفقون في النوافل سرّا وفي الفرائض جهرا ليدفعوا عن أنفسهم تهمة المنع. (وَلا خِلالٌ) ؛ أي : لا مصادقة كما قال : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)(١). (٢)
فإن قلت : كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنّه (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ)؟ قلت : من قبل أنّ الناس يخرجون أموالهم في عقود المعاوضات فيعطون بدلا ليأخذوا مثله وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجرّوا بهداياهم أمثالها أو خيرا منها. وأمّا الإنفاق لوجه الله خالصا ، فلا يفعله إلّا المخلصون فبعثوا عليه ليأخذوا بدله في يوم لا بيع فيه ولا خلال ؛ أي : لا انتفاع فيه بمبايعة ولا بمخالّة ولا بما ينفقون به أموالهم من المعاوضات والمكارمات وإنّما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله. (٣)
عن سماعة عنه عليهالسلام قال : إنّ الله فرض للفقراء في مال الأغنياء فريضة لا يحمدون بأدائهاء ، وهي الزكاة ؛ بها حقنوا دماءهم وبها سمّوا مسلمين. ولكنّ الله فرض في الأموال حقوقا غير الزكاة. قال الله تعالى : (وَيُنْفِقُوا) ـ الآية. (٤)
[٣٢] (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ)
(اللهُ). مبتدأ. (الَّذِي). خبر. (سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ). قيل : تسخير هذه الأشياء تعليم كيفيّة اتّخاذها. (٥)
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : أنشأهما من غير شيء. (ماءً) ؛ أي : غيثا ومطرا. (بِهِ) ؛ أي : بذلك الماء. (الْفُلْكَ) : السفن والمراكب. (بِأَمْرِهِ) ؛ أي : بأمر الله. لأنّها تسير بالرياح والله هو المنشئ لها. (الْأَنْهارَ) التي تجري بالمياه التي ينزلها من السماء ويجريها في الأودية و
__________________
(١) الزخرف (٤٣) / ٦٧.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٤٨٥.
(٣) الكشّاف ٢ / ٥٥٦.
(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٣٠ ، ح ٢٩.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٥١٩.