تنصبّ منها في الأنهار. (١)
[٣٣] (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ)
(الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ). ذلّل لمنافعكم الشمس والقمر في سيرهما لتنتفعوا بضوء الشمس نهارا وبضوء القمر ليلا وليبلغ بها الثمار والنبات في النضج الحدّ الذي عليه تتمّ النعمة فيهما. (دائِبَيْنِ) لا يفتران في صلاح الخلق ومنافعهم. (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) : ذلّلهما لكم ولمنافعكم لتسكنوا في اللّيل ولتبتغوا في النهار من فضله. (٢)
(دائِبَيْنِ) في مرضاته يبليان كلّ جديد ويقرّبان كلّ بعيد. (٣)
[٣٤] (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)
(مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ). وقال الضحّاك : إنّ ما للنفي. أي : آتاكم من كلّ شيء لم تسألوه إيّاه. ومن للتبعيض هنا. لأنّه لا يعطي كلّ ما يسأل لعدم موافقته الحكمة. وقيل : معناه : وأعطاكم من كلّ ما بكم إليه حاجة. فما من شيء يحتاج إليه العباد إلّا وهو موجود فيما بينهم. وهو كقوله : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(٤) ولم يخصّص كلّ واحد من الخلق بإيتاء كلّ ما سألتم. وقيل : معناه : وآتاكم من كلّ شيء سألتموه ولم تسألوه. فما هنا نكرة موصوفة والجملة صفة له. كقوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ). (٥)(مِنْ كُلِّ) قراءة الباقر والصادق عليهماالسلام : (مِنْ كُلِّ) بالتنوين. (إِنَّ الْإِنْسانَ). ليس المراد بالإنسان هنا العموم ، بل هو مثل : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ). (٦)
(ما سَأَلْتُمُوهُ). إذا كانت ما للنفي يكون محلّه النصب على الحال. أي : آتاكم من جميع ذلك
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٤٨٥.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٤٨٦.
(٣) نهج البلاغة / ١٢٣ ، الخطبة ٩٠.
(٤) البقرة (٢) / ٢٩.
(٥) النحل (١٦) / ٨١.
(٦) مجمع البيان ٦ / ٤٨٦ و ٤٨٤.