الكتاب الذي أثبت فيه الحادثات والكائنات. [وعن ابن مسعود أنّه كان يقول : اللهمّ إن كنت كتبتني في الأشقياء ، فامحني من الأشقياء وأثبتني في السعداء .... و] روي مثل ذلك عن أئمّتنا عليهمالسلام. وعن أبي جعفر عليهالسلام قال : ينزّل الله في ليلة القدر الكتبة والملائكة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون من أمر السنة وما يصيب العباد وأمر ما عنده موقوف له فيه المشيّة فيقدّم منه ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ويمحو أو يثبت وعنده أمّ الكتاب. أو : إنّه يمحو ويثبت في مثل تقتير الأرزاق والمحن والمصائب ؛ يثبته في أمّ الكتاب ، ثمّ يزيله بالدعاء والصدقة. وفيه حثّ على الانقطاع إليه سبحانه. [أو :] يمحو الله بالتوبة جميع الذنوب ويثبت بدل الذنوب حسنات. (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ). (١)(وَيُثْبِتُ). أهل البصرة وابن كثير وعاصم بالتخفيف. والباقون بالتشديد. (أُمُّ الْكِتابِ) : اللّوح المحفوظ الذي لا يغيّر ولا يبدّل. لأنّ الكتب المنزلة انتسخت منه. فالمحو والإثبات إنّما يقع في الكتب لا في أصل الكتاب. عن أكثر المفسّرين. (٢)
عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) ـ الآية ـ قال : ذلك الكتاب كتاب يمحو الله [فيه] ما يشاء ويثبت. فمن ذلك الذي يردّ الدعاء القضاء. وذلك الدعاء مكتوب عليه : الذي يردّ به القضاء. حتّى [إذا] صار إلى أمّ الكتاب ، لم يغن الدعاء فيه شيئا. (٣)
عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام : لو لا آية في كتاب الله ، لحدّثتكم بما يكون إلى يوم القيامة : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) ـ الآية. (٤)
أقول : المفهوم من الأخبار : انّ المحو والإثبات واقعان في لوح يسمّى لوح المحو والإثبات. وهذا اللّوح وإن كتب فيه ما كان وما يكون إلّا أنّ الأشياء مكتوبة فيه متعلّقة بأسبابها مرتبطة بها ، ككون الصدقة تطيل العمر وتوسّع في الرزق فإذا أتى زيد بها مثلا ، حصلا له ، وإلّا فلا. وهكذا في جميع الحالات. وأمّا اللّوح المحفوظ ، فلا محو فيه ولا إثبات ، بل الأمور
__________________
(١) الفرقان (٢٥) / ٧٠.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٤٥٦ ـ ٤٥٨.
(٣) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٢٠ ، ح ٧٤.
(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢١٥ ، ح ٥٩.