لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ) ؛ أي : أبعاض متقاربات مختلفات في التفاضل ، منها جبال صلب تنبت شيئا ومنها سهل حرّ ينبت ومنها سبخة لا تنبت. بيّن سبحانه باختلاف هذه الأرضين مع تقاربها أنّه قادر على كلّ شيء. (وَجَنَّاتٌ) ؛ أي : بساتين. (صِنْوانٌ) ؛ أي : نخلات من أصل واحد. (وَغَيْرُ صِنْوانٍ) ؛ أي : من أصول شتّى. والصنو : الأصل. وقيل : الصنو : المثل. والصنوان : الأمثال. ومنه قوله صلىاللهعليهوآله : [عمّ] الرجل صنو أبيه. (يُسْقى). أي كلّ ما ذكرنا. (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ). أي في الأكل واللّون والطعم. فلو كانت بالطبع ، لما اختلف ألوانها وطعومها. وفيه دلالة واضحة على أنّ لها صانعا. (إِنَّ فِي ذلِكَ) ؛ أي : في اختلافها لونا وطعما. (يَعْقِلُونَ). أي الدلائل. وعن جابر قال : سمعت النبيّ صلىاللهعليهوآله يقول لعليّ عليهالسلام : الناس من شجر شتّى. وأنا وأنت من شجرة واحدة. ثمّ قرأ : (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ) ـ الآية. (وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ). ابن كثير وأبو عمرو وحفص جميعها بالرفع ، والباقون بالجرّ. (١)
(يُسْقى). عاصم وابن عامر بالياء. والباقون بالتاء. وحمزة والكسائي : «يفضل» بالياء ، ليطابق قوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ). (٢)
[٥] (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)
(وَإِنْ تَعْجَبْ). لمّا قدّم أنّه قادر على الإنشاء والإعادة ، عقّبه بالتعجّب من تكذيبهم بالمعاد فقال : وإن تعجّبت ـ يا محمّد صلىاللهعليهوآله ـ من إنكار هؤلاء الكفّار البعث ، فقد وضعت التعجّب موضعه. (فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) ؛ أي : قولهم عجب. (خَلْقٍ جَدِيدٍ) ؛ أي : نبعث ونعاد بعد ما صرنا ترابا؟ هذا غير ممكن! لأنّ من قدر على الإنشاء ، كان أقدر على الإعادة. أبو جعفر :
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٤٢٤ و ٤٢٢.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٠١.