نهوا عن السجود لغير الله في شريعتهم. فأعطى الله هذه الأمّة السّلام وهي تحيّة أهل الجنّة عجّلها لهم. وقيل : إنّ السجود كان لله شكرا له ، كما يفعله الصالحون عند تجدّد النعم. والهاء في قوله (لَهُ) عائدة إلى الله. أي : سجدوا لله وتوجّهوا في السجود إليه. كما يقال : صلّى للقبلة ، ويراد به استقبالها. وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام. وعن أبي الحسن عليهالسلام : كان سجودهم طاعة لله وتحيّة ليوسف. كما أنّ السجود من الملائكة لآدم كذلك. فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله لاجتماع شملهم. ألم تر أنّه يقول في شكره : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ) ـ الآية. (١)
روي : انّ يوسف أخذ بيد يعقوب فطاف به في خزائنه. فلمّا أدخله بيت القراطيس قال : يا بنيّ ما أعقّك! عندك هذه القراطيس وما كتبت إليّ على ثمان مراحل؟ قال : أمرني جبرئيل. فسأله يعقوب ، فقال جبرئيل : [الله تعالى] أمرني بذلك لقولك : (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ). (٢) فقال : هلّا خفتني؟ (٣)
(قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) ؛ أي : صدقا في اليقظة. وقيل : كان بين الرؤيا وتأويلها ثمانون سنة. وولد ليوسف من امرأة العزيز افرائيم وميشا ورحمة امرأة أيّوب. وبين يوسف وموسى أربعمائة سنة. (الْبَدْوِ) ؛ أي : البادية. فإنّهم كانوا يسكنون البادية. (نَزَغَ) ؛ أي : أفسد. (بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي). أي بالحسد. (لَطِيفٌ) في تدبير أمور عباده. (٤)
(وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ). لم يذكر الجبّ لئلّا يكون تثريبا عليهم. (٥)
[١٠١] (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)
(فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). فاطر منصوب إمّا على كونه صفة ربّ أو على النداء.
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.
(٢) يوسف (١٢) / ١٣.
(٣) الكشّاف ٢ / ٥٠٦.
(٤) مجمع البيان ٥ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٩٦.