مذهب الأحزان. وعن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لمّا أقبل يعقوب إلى مصر ، خرج يوسف يستقبله. فلمّا رآه يوسف ، همّ بأن يترجّل له ، ثمّ نظر إلى ما هو فيه من الملك فلم يفعل. فلمّا سلّم على يعقوب ، نزل عليه جبرئيل فقال له : يا يوسف ، إنّ الله يقول : ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح إلّا ما أنت فيه. ابسط يدك. فبسطها ، فخرج من بين أصابعه نور. فقال : ما هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا أنّه لا يخرج من صلبك نبيّ أبدا ، عقوبة بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه. وقوله : (آوى إِلَيْهِ) ؛ أي : ضمّهما إليه وأنزلهما عنده. يعني أباه وخالته. وذلك أنّ أمّه ماتت في نفاسها ببنيامين. وقيل : إنّ راحيل كانت نشرت من قبرها حتّى سجدت ، تحقيقا للرؤيا. (إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ). الاستثناء يعود إلى الأمن. لأنّهم كانوا يخافون ملوك مصر.
قيل : إنّهم دخلوا مصر وهم ثلاثة وسبعون إنسانا ، وخرجوا مع موسى وهم ستّمائة ألف وخمسمائة وبضع وسبعون رجلا. (١) قيل : إنّ يوسف قال لأبيه لمّا التقيا : بكيت عليّ حتّى ذهب بصرك! ألم تعلم أنّ القيامة تجمعنا؟ فقال : بلى ، ولكن خشيت أن تسلب دينك فيحال بيني وبينك. فإن قلت : ما معنى دخولهم عليه قبل دخولهم مصر؟ قلت : كأنّه حين استقبلهم ، نزل لهم في مضرب أو بيت ثمّ دخلوا مصر وضمّ إليه أبويه ثمّ قال لهم : (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ). (٢)
[١٠٠] (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)
(عَلَى الْعَرْشِ) ؛ أي : رفعهما على سرير ملكه إعظاما لهما. (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) ؛ أي : انحطّوا على وجوههم. وكانت تحيّة الناس يومئذ السجود والانحناء والتكفير ، ولم يكونوا
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٤٠٥.
(٢) الكشّاف ٢ / ٥٠٥.