(قالُوا) بعد ما رجعوا إلى مصر رجعة ثانية. (الضُّرُّ) : شدّة الجوع. (مُزْجاةٍ) : رديئة أو قليلة تردّ وتدفع رغبة عنها. من أزجيته ، إذا دفعته. قيل : كانت دراهم. [وقيل :] الأقط وسويق المقل. (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) ؛ أي : أتمّه. (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) بردّ أخينا أو بالمسامحة وقبول المزجاة. (إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) أحسن الجزاء. والتصدّق : التفضّل. (١)
[٨٩] (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ)
(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) ؛ [أي :] هل علمتم قبحه فتبتم عنه؟ وفعلهم بأخيه إفراده عن يوسف وإذلاله حتّى كان لا يستطيع أن يكلّمهم إلّا بعجز وذلّة. (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) قبحه ـ فلذلك أقدمتم عليه ـ أو عاقبته. وإنّما قال ذلك تنصّحا لهم وتحريضا على التوبة وشفقة عليهم لما رأى من عجزهم وتمسكنهم لا معاتبة وتثريبا. وقيل : أعطوه كتاب يعقوب في تخليص بنيامين وذكروا له ما فيه يعقوب من الحزن على فقد يوسف وأخيه ، فقال لهم ذلك. وإنّما جهّلهم لأنّ فعلهم كان فعل الجهّال ، أو لأنّهم كانوا حينئذ صبيانا طيّاشين. (٢)
(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ). في هذه الآية مصداق قوله : (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ) ـ الآية. (٣)
عن أبي جعفر عليهالسلام : لمّا قالوا : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) ـ الآية ـ قال يوسف : لا صبر على ضرّ آل يعقوب. فقال عند ذلك : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ)؟ (٤)
عن أبي جعفر عليهالسلام : انّ يعقوب كتب إلى عزيز مصر ـ وهو يوسف ـ يتعطّفه في خلاص ابنه بنيامين ، وشرح له ما جرى على ابنه يوسف وما مضى من بعد فراقه. فلمّا أخذ الكتاب ، قبّله ووضعه على عينيه وبكى. ثمّ أقبل عليهم فقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ) ـ الآية. (٥)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٩٤.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٩٤.
(٣) مجمع البيان ٥ / ٤٠٠.
(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٩٢ ، ح ٦٦.
(٥) نور الثقلين ٢ / ٤٥٧ ، وتفسير العيّاشيّ ٢ / ١٩٠ ـ ١٩٢ ، ح ٦٥.